قررت اللجنة الثقافية لجامعة الدول العربية عقد مؤتمر في مدينة دمشق في شهر أغسطس أو أوائل شهر سبتمبر من سنة ١٩٤٧ لدراسة آثار الشرق الأدنى يدعى (مؤتمر آثار الشرق) وقد عينت اللجنة التحضيرية التي وضعت منهج المؤتمر أغراضه بما يلي:
١ - الاهتمام بالثقافة الأثرية وتبادل الآراء العلمية والفنية.
٢ - المحافظة على تراث الشرق العربي ووضعه في الإطار اللائق به.
٣ - تقوية الصلات بين أمم الشرق، وتذليل العقبات في سبيل تحقيق التعاون فيما بينها من الناحية الأثرية.
وقد تصفحت التقرير الذي وضعته اللجنة التحضيرية ليكون جدولا لأعمال المؤتمر فلم أجد فيه - وآسف لذلك - أية إشارة إلى عرب ما قبل الإسلام. كما أنني لم أجد في قائمة الموضوعات العامة التي ستبحث فيها المحاضرات التي تلقى في المؤتمر أية محاضرة قد تناولت تاريخ ما يسمى (بالجاهلية) أو (العصر الجاهلي) وكل ما وجدت هو أن سلسلة المحاضرات بدأت بالعلاقات بين مصر والشرق الادنى، ثم تطرقت إلى العلاقات بين بابل وأشور والشرق الأدنى، فأثر الفينيقيين في حضارة الشرق الأدنى، فالعلاقات بين الشرق الأدنى والإغريق. ثم انتقلت رأساً إلى موضوع أثر العقائد الدينية في حضارة الشرق القديم، ثم إلى حظ الشرق من الحضارة الإغريقية في العصور الهلينية فيدخل في ذلك حظ مصر من تلك الحضارة ثم حظ سورية فبابل ثم تنتقل السلسلة إلى مظاهر الحضارة الإسلامية في دول الشرق العربي وتلك طفرة عجيبة بالطبع، وتنتهي بموضوع الحفائر الأثرية في ممالك الشرق العربي فموضوع ترميم الآثار.
وكنت أطمع في أن أرى للتاريخ العربي القديم المحل الأول في قائمة الموضوعات التي ستدرس في هذا المؤتمر، إذ أن اللجنة الثقافية التي وكلت إلى اللجنة التحضيرية أمر تهيئة خطط المؤتمر هي مؤسسة من مؤسسات الجامعة العربية، وأنها وضعت نصب عينها إحياء التراث العربي القديم وحرصت على ذلك في كل مناسبة. فالأولى بها أن تعني بتاريخ عرب ما قبل الإسلام فتجعله الهدف الثقافي الأول نظراً إلى أن التاريخ العربي القديم يكاد