يكون حتى اليوم في حكم المجهول، ولأن الآثاريين الغربيين لم يتمكنوا من التنقيب فيه لأسباب كثيرة، منها أن الدول العربية التي تشتمل على المناطق الآثارية، لم تسمح لهم بالعمل، خوفا من النفوذ الأجنبي ومن تسرب تلك الآثار إلى الخارج، وإن اللجنة الثقافية ستنتهز هذه الفرصة فتثير لذلك هذا الموضوع في مؤتمر الآثار لتحث الدول العربية على العناية بآثار العرب وبتاريخ العرب القديم، ولتطلب إلى حكومات الجامعة القيام بحفريات علمية بنفقتها أو بنفقة الجمعيات العلمية الأوربية التي توافق على التنقيب بإشراف الجامعة. أو أنها ستسعى لأن تسهل لمن تخصص من أبناء دول الجامعة العربية بتاريخ العرب القديم الدخول في مناطق الآثار لدراستها والكتابة عنها والقيام بحفريات علمية فيها أن أمكن ذلك من الوجهة العلمية والمادية.
وقد قام نفر من العلماء المستشرقين في القرن التاسع عشر والقرن العشرين أمثال (هاليفي) و (أرنو) و (كلاسر) وغيرهم بزيارة مختلف أنحاء بلاد العرب المجهولة وفي ظروف حرجة فتعرضوا إلى مختلف الأخطار والمهالك فعادوا بأنباء مهمة تشير إلى وجود أماكن آثارية على جانب كبير من الأهمية. وقد نقلوا معهم بعض الألواح والأحجار المكتوبة التي عثروا عليها على سطحالأرض وهي توجد اليوم في المتاحف الآثارية الكبرى وهي تؤيد هذه النظرية وتتحدث عن حضارة عربية قديمة أصيلة.
وقد بذل هؤلاء العلماء جهوداً كبيرة حتى تمكنوا من حل رموز الحروف اليمانية القديمة المسماة بالحروف الحميرية. واستطاعوا بعد معرفتها أن يقرءوا ما هو مكتوب فنشروه، وقد دل ما نشر حتى الآن وهو قليل بالطبع على أن الحضارة اليمانية قديمة قدر عمرها بعض العلماء بما يزيد على ألف وثلاثمائة عام قبل المسيح.
كما انهم بحثوا في النصوص الآشورية والبابلية والمصرية وفي التوراة، وفي النصوص السريانية واليونانية واللاتينية فكونوا من هذا البحث مقدمات لمن يريد في المستقبل الكتابة عن تاريخ عرب ما قبل الإسلام.
ولا يمكن أن يكتب للأمة العربية تاريخ قديم إلا إذا سهلت الدولة العربية للمستشرقين وللشبان العرب الذين تخصصوا بتاريخ ما قبل الإسلام الدخول في المناطق الآثارية وقاموا بحفريات علمية بأشراف تلك الدولة أو الدول العربية على أن يحفظ ما يستخرج من أثار