كتبت في العدد ٨١٩ من (الرسالة) الغراء قصة (من الأعماق)، وتركتها - كما هي الحياة - بدون خاتمة، وانتظرت رأي عقل القارئ العزيز لعله ينير السبيل لقلبين، فانثالت علي الرسائل من كل ناحية، فاجتمع لي منها آراء اعرض بعضها على صفحات (الرسالة). وأنا - إذ أفعل - أدير الكلام على طريقتي وأسلوبي، لي الأسلوب والأداء، ولأصحاب الرسائل الرأي والفكرة:
جاء في رسالة الأديب عيسى الأشعري بأسيوط - بعد كلام طويل - ما يأتي:
سيدي - يا حضرة الضابط الفاضل - أنت تؤمن بأنك رجل حرب لا تعرف إلا الفوز في المعركة أو الموت. فدعني أجثو أمامك في خشوع وأنحني لك في احترام، أنشق عبير روحك الوثابة وأقبل ثرى وطئته قدمك الطاهرة، وأستمتع ساعة باستجلاء طلعتك الصارمة، أحي فيك الشجاعة، والشهامة والرجولة. وحين رجعت إلى أرض الوطن الغالي - عائداً من الميدان - رأيتك يا قلب مصر النابض، وأملها البسام، وعلمها الخفاق، فخفق لك قلبي واهتزت مشاعري، لأنك رجل حرب لا تعرف إلا الفوز في المعركة أو الموت. آه لو استطعت فاقتحمت هذا الجمع الزاخر وهو يفوز ويضطرب لأقف بين يديك أقدم لك نبضات قلبي ووثبات فؤادي وصلوات روحي!
تلك هديتي إليك، فقلبي قد تفتح عن تقدير لك وإجلال، وفؤادي قد انتشى بعطر إيمانك الزكي، وروحي قد هفت نحو زهرات شبابك النظير المتألق. فأنت بعثت فينا - من أطواء الزمن - روح العزة والكبرياء.
لقد قلت لي - إذ ذاك - (إنني أنا القنبلة التي يقذف بها عاهل البلاد العظيم في وجه العدو فتتفجر هدامة مدمرة، وأنا المدفع يطلقه القائد الأعلى على صفوف الطغاة فلا يخطئ ولا يخيب، وأنا السيل العرم الذي يتدفق فيجرف في تياره الجناة وإن عتوا وتجبروا).
هذه الشجاعة، وهذه العقيدة، وهذا الأيمان، كل أولئك - يا سيدي - أشرقت نوراً يتلألأ