أشارت الرسالة في عددها الأخير إلى ما يخشاه بعض إخواننا الإيرانيين من اللبس بين إيران كما هي اليوم في مدنيتها الزاهرة وبينها كما وصفها مؤلف قصة حاجي بابا في إنكلترا، تلك القصة التي ترجمتها وتفضلت مجلة الرواية فنشرتها في بعض أعدادها الأخيرة
ولقد ذكر الأستاذ صاحب الرسالة أن مؤلفها نشرها في سنة ١٨٢٢ ووصف بها إيران كما كانت في عهده غير متجنِ على الشرق كله، فما كان الوصف إذ ذاك قاصراً على دولة دون دولة من الشرق الإسلامي
وما من شك في أن هذا الجواب السديد جدير بأن يزيل كل لبس من هذه الناحية؛ وقد عنَّ لي أن واجباً عليَّ بيان السبب في ترجمتي هذه الرواية لإزالة لبس آخر أخشاه من ناحية الاختيار، فأتقدم إلى قراء الرسالة وهم ممثلو كل الأمم الشرقية الإسلامية بأن جهدي في الترجمة لم يقتصر على تلك القصة، ولكنني ترجمت نحو الخمسين رواية معظمها عن الشرق وفيها عن مصر وعن العرب، وفيما ترجمته عن مصر وعن العرب نقد أشد مما احتوته قصة حاجي بابا، فاختياري قائم على الرغبة في إطلاع الشرقيين وهم جميعاً إخواني على ما يكتب عنهم بلغة اعتدت القراءة بها ليعرفوا رأي الغير فينا. ولا أراني أقل غيرة على دولة شرقية مني على دولة أخرى، فإن الدم الذي يجري في عروقنا نحن الشرقيين دم مشترك. لا بل أجد الفرصة مناسبة لأطرح على القراء رأياً لي في اختيار الكتب للترجمة:
للمستشرقين جهود غير منكورة ولهم أغلاط شنيعة. وكتبهم مقروءة باللغات الأوربية بين من يثقون بهم ويجلونهم ويمدونهم حجة. وكتب هؤلاء المستشرقين وتلاميذهم تعد بالمئات وكتب الذين ينهجون نهجهم ممن لا يساوونهم في المعرفة أكثر عدداً. ومن بين قرائها شرقيون قد يتأثرون بها ويعجزون عن دفع شرها إن كان - فهل يحسن بهم أن ينقلوها إلى لغاتهم الشرقية ليتولى دفع الشبهات من يستطيع ذلك من أبناء تلك اللغات الذين لا يعرفون