للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أعلام الأدب]

أرستوفان

والكوميديا اليونانية

للأستاذ دريني خشبة

يجمع المؤرخون على أن الكوميديا - أو الملهاة - القديمة قد نشأت في سيراقوزا حاضرة جزيرة صقلية قبل أن تنشأ في أثينا حاضرة أتيكا اليونانية، فقد ثبت أن الشاعر الكوميدي إبيخارموس قد ألف للمسرح الصقلي سنة ٤٨٠ ق. م، أي قبل أرستوفان، أو قبل أن يولد أرستوفان بثلاثين سنة؛ وقد كان له في صقلية قرناء أجلاء منهم صوفرون العظيم الذي كان يتناول في كوميدياته العلاقات بين المرأة والرجل بطريقة فلسفية. ومما يدعو إلى شديد الأسف أن كل كوميديات شعراء سيراكوزا قد فقدت كما فقدت جميع الكوميديات اليونانية إلا إحدى عشر لأرستوفان - من أربع وخمسين! - ولم يصلنا من كل ما فقد إلا نتف هينة ومقطوعات قليلة هي على قلتها ثروة هائلة تدل على الخسارة التي لحقت بالإنسانية في ميراثها الثقافي.

أما الكوميديا اليونانية فقد أخذت تنتعش منذ سنة ٤٦٠ ق. م ثم ازدهرت في عصر بركليس على يد الشاعر كراتينوس الذي كان يتخذ من سيد العصر - بركليس نفسه - هُزُواً لجميع كوميدياته، فكان يصوره تصويراً كاريكاتورياً (هزلياً)، فيدعوه: (الإله الأعظم أبو رأس بَصَلة!)، استهزاءً برأس بركليس الذي كان يواريه دائماً لاستطالته بخوذة. . . ويدعوه أيضاً: (طفل كرونوس وابن الغَدْر!. الخ).

وكانت لكراتينوس منزلة رفيعة بين شعراء الكوميديا، ويعده النقاد أرفع مرتبة من أرستوفان وأعنف منه في تجريح شخصيات عصره. وقد قال فيه أرستوفان: (إنه كَصَيِّبٍ يتحدر من فوق جبل فهو يكتسح كل من اعترض سبيله من بشر أو شجر أو حَضَر. . .) ومن أبرع الشخصيات التي كان يصورها فيفتنّ في تصويرها شخصيات السكارى، وكان يؤديها له في كوميدياته الممثل الكاتب الكبير كرانس. . . وقد فاز كراتينوس مرات كثيرة بالجائزة الأولى؛ ولما فاز بها للمرة الأخيرة جاء أرستوفان في آخر قائمة المتبارين. هذا

<<  <  ج:
ص:  >  >>