مما يؤسف له حقاً أننا قلما نعالج مثل هذه الموضوعات في بلاد الشرق، وإذا تعرضنا لها في بعض الأحيان نمر عليها مراً سريعاً خاطفاً وبكثير من التحفظ. كذلك نشرح هذه الحياة للشبان والشابات في سن المراهقة وما قبلها بنفس ذلك التحفظ متحاشين ما استطعنا الخوض في الحياة التناسلية من حيث التكوين التشريحي والوظائف الفسيولوجية لتلك الأعضاء وما ينتاب تلك الحياة من أمراض جسمانية هي الأمراض التناسلية، ومسخ نفساني هو الشذوذ التناسلي وما يترتب على كل هذه الطوارئ من أضرار، وما عسى أن يتخذ من الحيطة والتدابير لاتقاء شر هذه الأمراض بمختلف أنواعها كما أن هذه التبعة تقع على كاهل الوالدين والمعلمين.
هذا التقصير ناشئ من اعتبارنا - خطأ - أن مثل هذه الحياة سرية، ومن هنا انطلقنا وما زلنا نطلق على الأمراض التي تنتابها في معظم الأحيان بالأمراض السرية، وفي قليل من الأحيان بالأمراض التناسلية، مع أن التسمية الأولى هي تسمية خاطئة ومضرة في الوقت نفسه. وما زال بعض الناس يقدسون سرية هذه الأمراض ويرفعونها إلى مستوى (سر المهنة) وينكرونها نكراناً باتاً على الطبيب المداوي نفسه ويضللونه تضليلاً يعقد الأمر ويزيد في إشكاله من حيث تشخيص المرض. وقد تحاوره وتحتال عليه بشتى الحيل ليبوح لك بالسر الرهيب وتفهمه بأن سر المهنة يقضي عليك بالا تبوح بشيء مما يدل به المريض في مثل هذه الأحوال حتى إلى أقرب الناس إليك أو أقربهم إليه؛ كما أنه في حالة الإفشاء يمكنه مقاضاتك والاقتصاص منك بواسطة القانون. وقد تلين قناته ويأنس إليك فيقص عليك حقيقة الأمر في بعض الأحيان كما يستمر في نكرانه وتضليله. غير أنه من حسن الحظ أن مضاعفات المرض نفسه، وما نتركه من آثار باقية، والنتائج التحليلية للفحص، كل ذلك كفيل بفضيحة الأمر وإفشاء السر في معظم الأحيان.
إن سبب هذا النكران يرجع إلى عدة عوامل منها (الحياء)، والحياء من الإيمان كما يقول الحديث وهو ركن حصين ودعامة قوية من دعائم الأخلاق بلا شك؛ غير أنه في مثل هذه