المناسبات يكون الحياء مستعملاً في غير موضعه، أو استعمل استعمالاً خاطئاً للأسباب التي سبق ذكرها. ومنها أيضاً عادة (احترام النفس) وهو شعور طبيعي في الإنسان ويجب تشجيعه وتنميته في كل نفس؛ غير أن من المعقول أن يفقد المريض قيمته أو ينحط قدره في نظر الطبيب إذا عرف أن مريضه مصاب بمرض تناسلي؛ حتى ولا في نظر المجتمع - إذا أنصف المجتمع - لانتشار هذه الأمراض. ومن ضمن هذه الأمراض ما يسمونه (بمرض الأبرياء) وخاصة مرض الزهري؛ فقد يصاب به الإنسان أحياناً من طريق غير الطريق التناسلي أو المخالطة الجنسية كما يشاهد ذلك في أكثر من مرة. كما قد يكون سبب التكتم من ناحية المريض هو عدم ثقته بالطبيب، واتهام مقدرته على كتمان السر، وأن في إذاعة هذا السر مشاكل عائلية ومضار تسبب للمريض - وهذه أيضاً حجة واهية ووهم لا محل له إلا في ذهن المريض؛ إذ أنه ما من طبيب يحترم مهنته ويقدر مسئوليته تسول له نفسه إفشاء مثل هذه الأسرار. ثم أنمه من غير المعقول أن يلجأ المريض إلى طبيب لا يثق به؛ إذ فقدان مثل هذه الثقة قد يكون مصحوباً بالشك في العلاج نفسه وفي مقدرة الطبيب. ومن هنا ينتج فقد الإيمان والاعتقاد وما يترتب على ذلك من (إيحاء) - هذا الإيحاء هو عنصر نفساني هام يساعد على الشفاء ويزيد في مناعة الجسم وحيويته في نضاله ضد الأمراض. كذلك جهل المريض بما سوف يترتب عليه من عواقب وخيمة وأضرار لنفسه أو لمن يعيشون حوله؛ كما أن هنالك خصلة مكروهة وعادة ذميمة هي عادة الكذب الذي يلجأ إليه الكثيرون من غير ما حاجة ماسة كما قد أصبح للبعض لزم لهم من الخبز اليومي.
لا نقصد مما سبق ذكره أن المريض بهذه الأمراض التناسلية يحتم عليه إذاعتها في المجالس والمنتديات أو على صفحات الصحف أو يتخذ منها مادة للسعر والتندر؛ لا نقصد إلى شيء من ذلك بل نقول بالعكس من ذلك بضرورة التستر - (وإذا بليتم فاستتروا) كما تقول الحكمة. ولكن الذي نريده وننتظره من المريض هو عدم مراوغة طبيبه وتضليله كما نطالبه باتخاذ ما يلزم من الاحتياط حتى يحول دون انتشار العدوى لغيره من الناس.
إن مشكلة الحياة التناسلية ولا سيما تحليلها من الوجهة النفسانية مشكلة عويصة معقدة. وقد شغل هذا الموضوع الحيوي حيزاً كبيراً من كبار أطباء الأمراض بالحياة العصبية والتناسلية وتأثر كل منهما بالأمر ومن أهم من عنوا بالتحليل النفساني هو العالم النمسوي