للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[شوق على قرب]

للأستاذ ثروت أباظة

جلس إلى وفي عينيه قالة تترقرق، وفي شفتيه بسمة تبدو وتغيب ومض البرق الخاطف، وعلى وجهه أسى من ظن الخير في غير مكانه. رأيت كل هذه التعبيرات على وجهه فكان يخيل إلي أنني أرى مقالة رمزية عن حرب طحون تعتمل بنفسه، فهششت له وهو الصديق الذي أصطفيه فأصفيه نفسي كلها. هششت فما زاد على أن ثبت من تلك البسمة الوامضة

على فمه فإذا وجهه كله مشرق بضحكة آسية. . . قلت:

- ماذا؟ لقد كنت على أحسن ما أرجو لك بالأمس

- لا شيء

- لاشيء؟ منذ متى تدخل هذه الكلمة في حديثنا. . . لا شيء! أغبي أنا لا أعرفك! أأسألك ماذا بك ولا يكون بك شيء. . . أم تراك تخفي أمرا؛ فإن كان كذلك فدعني أو ولي عنك الوجه فلست صديقك بعد اليوم. . . أترى سرى كله وتخفي عني ألمك. . . ماذا بك؟ انطلق.

سمع الرجل الحديث وهو مطرق إلا بضع لحظات حاول فيها أن يجيب ولكنه احترم دفعتي تلك فعاد إلى إطراقه حتى أتمته فإذا هو رافع إلى دمعتين صافيتين. . . يقول

- أشكرك على ثورتك فقد أرجعت لي نفسي

- وأين كانت؟

- تبحث عنك

- عني. . . حذار أن تكون الثورة قد طغت على عقلك. . تبحث عني تقول وأنا لا أكاد أرى أحدا قدر ما أراك. . . أجننت؟

- أنت تراني نعم ولكنني لا أراك أبدا

- لا تراني؟ لا. . . لا بد أن الثورة قد مست عقلك. . . حسبي الله ونعم الوكيل. . . أأنظر إليك من خص؟ كيف أراك فلا تراني؟ أنتكلم كل يوم وليس بيننا من البعد إلا بقدر هذا النضد. . . ثم أراك فلا تراني؟ أجننت رجل

- وأنا اليوم لم أراك إلا حينما ثرت

<<  <  ج:
ص:  >  >>