لا أمن بالأحلام ولا أعيرها اهتماماً جدياً، لأني أعتبر أكثرها ناتجاً عن عوامل الغريزة المكبوتة والعقل الباطن، غير أني أقف حائراً أمام بعض الأحلام التي حلمتها وأصبحت بعد قليل حقيقة راهنة لا أحلاماً طارئة لا تتجاوز مخيلة النائم ولا تعدو فراشه
وكم تساءلت: أهي المصادفة تقضي بصحة بعض الأحلام أم هو الإلهام؟ ولكن ما هي المصادفة وما هو الإلهام؟ وكيف أعلل حدوثهما؟ لا أدري
وكل ما أدري أنني رأيت أربعة أحلام صح ثلاثة منها والرابع ما يزال غامضاً؛ وأرجح أنه سيظل غامضاً إلى ما شاء الله
حلمت وأنا في عهد التلمذة أن المفتاح الذي كنت قد أضعته وكان يهمني أمره كثيراً مطمور في التراب قرب شجرة قديمة العهد في قلب الملعب الشرقي في مدرسة الحكمة. وكنت قد فتشت عنه في كل مكان هناك دون جدوى، ثم وجدته في المكان نفسه الذي هداني إليه الحلم
أما الحلم الثاني فهو: كنت ذات ليلة جالساً في داري أطالع إحدى الصحف اليومية فجاءني ولد لا يتجاوز الثالثة من عمره وضرب الجريدة التي في يدي وطرحها أرضاً. ثم أخذ يداعبني مقهقهاً ويلاعبني راكضاً من كرسي إلى كرسي، ومن ناحية إلى ناحية. والغريب في الأمر أنني حلمت أن هذا الولد هو ولدي مع أني ما كنت أباً في ذلك الحين ولا متزوجاً
وبعد سنوات صح هذا الحلم بحذافيره، إذ كنت صباح يوم جالساً في المكان نفسه أطالع بعض الجرائد، فخرج ولدي من غرفته وهو دون الثالثة من عمره وتقدم نحوي وضرب الجريدة وأوقعها من يدي. ثم شرع يلاعبني ويركض مقهقهاً من مكان إلى مكان. وكان في لباسه وكامل هيئته يشبه تمام الشبه الولد الذي عاينته في الحلم
أليس من الغريب المدهش أن يشاهد المرء ولده في الحلم قبل مجيئه إلى العالم؟ أإتفاقاً كان ذلك أم وحياً أم ماذا؟
أما الحلم الثالث فهو: حلمت منذ أعوام أن أحد الأنسباء وهو شاب في ريق العمر ونشاطه قد قضى نحبه في أحد المستشفيات؛ وبعد أيام قليلة جاءني رسول يبلغني خبر وفاته في