جرت لي هذه الحادثة سنة ١٨٨٢ وكنت مسافرا في القطار ومزمعا الانزواء بنفسي في إحدى مقاصيره، حين انفتح بابها وسمعت صوتا يقول لآخر:
- خذ حذرك من الزلل يا سيدي، فقد بلغنا ملتقى الخطوط (المقص) قم إن مرتقى القطار مرتفع
فأجابه صوت آخر:
- لا تخف يا لوران فسأعتمد على مقبض عكازي ثم ظهر لي رأس مستور بقبعة مستديرة ويدان تعلق بهما سيران من جلد، أخذتا تعتمدان وتستندان إلى جانبي باب القطار. ثم رفعتا بهوادة وبطئ جسما بديناً بعض الشيء سمعت لوقع أقدامه الخشبية نقرا على مرتقى القطار، وحين هم الرجل بالدخول إلى مقصورتي أبصرت نهاية بنطلونه المتراخي فبرزت لي من خلاله رجل خشبية سوداء لم تلبث أن لحقت بها أختها، فعلمت أن رفيقي مبتور الساقين ثم برز لي من ورائه رجل آخر راح يقول له:
- هل أنت مرتاح في جلستك يا سيدي؟
- نعم يا ولدي
- وإذن فهاك صررك وهذا عكازك، وهنا أبصرت خادما تبدو في سحنته معارف جندي قديم يصعد الى صاحبنا حاملا له بين ذراعيه كدسة من أشياء ملفوفة بأوراق، بعضها أسود وبعضها أصفر، حتى إذا وضعها في رف القطار الواحدة بجانب الأخرى، قال لسيده:
كل شيء معد لك يا سيدي: ففي هذه الصرر الخمسة أشياء: