للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في الأدب الدرامي]

١٣ - الرواية المسرحية في التاريخ والفن

بقلم أحمد حسن الزيات

الدرامة في خلال القرون

كان لهذا النوع أوائل في أدب الإغريق واللاتين ظهرت في أشكال مختلفة وأسماء متعددة، وظلت محافظة على وجودها أثناء العصور الوسيطة وبعد عصر النهضة في ثوب الرواية الجدية الهزلية، ولكن الدرامة بمعناها الحديث لم تعرف إلا في القرن الثامن عشر حين كتب (لاشوسيه) مدرسة الأمهات، و (ديدرو) رواية الابن الطبيعي، و (سيدين) رواية الفيلسوف بغير علمه، و (بومارشيه) رواية الأم المجرمة، و (فولتير) روايتي نانين والطفل المبذر. وقد كان هؤلاء المؤلفون يقتبسون موضوعات رواياتهم من الحياة الحضرية والمعيشة المنزلية، ويملئونها بالحساسة المتصنعة والآراء الفلسفية والحكم الخلقية في لهجة تارة تكون بكائية وتارة تكون خطابية. على أن هذه الدرامة لم تلبث أن نزلت إلى مكان المأساة العامية (الميلودراما)، وهي درامة تسير بالموسيقى وتفيض بالضربات المسرحية العنيفة، والمواقف الشديدة المخيفة، والعمل الروائي المعقد، وتدين بنجاحها إلى إثارة الشعور وإهاجة الوجدان. ثم أدرك الدرامة الخمول وأخلقها الترك فامحت من المسارح حوالي سنة ١٨٣٠ حتى جاء أرباب المذهب الابتداعي فنفخوا فيه من روحهم وبعثوها إلى الحياة في شكل جديد، واختاروها ميداناً للمعركة الحاسمة بينهم وبين رجال المذهب الاتباعي، فرفع هوجو لواءها وشرع منهاجها في مقدمة كرومويل سنة ١٨٢٧ وجعل ميزتها الظاهرة امتزاج الجد والترفع بالهزل والمجون على نحو ما تجد في روايات شكسبير. ثم أخذ هذا المذهب الحديث يتحلل من قواعد المذهب القديم، ولا سيما قانون الوحدات الثلاث كما ترى ذلك ظاهراً في روايات الزعيم كرناني وكرمويل وماريون دلوزم وروي بلاس وبيرجراف الخ. على أن سهم الابتداعيين قد طاش، وأملهم في إصلاح المسرح قد كذب. فقد تجد في روايات هوجو درراً من الشعر الرصين، وغرراً من المقطوعات البليغة، وصوراً من المواقف التي تسترق الشعور وتملك القلب، ولكنك تجد

<<  <  ج:
ص:  >  >>