للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب الشعبي في الكويت]

للأستاذ أحمد طه السنوسي

إن إمارة الكويت بحكم بيئتها ونشأتها وتكوينها قد خلقت لها أدباً شعبياً مشبعاً بظروف تلك النشأة والبيئة والتكوين، فهي تقع بين بصرة العراق في الشمال والغرب، والمملكة العربية السعودية في الجنوب بعد توسط من المنطقة المحايدة، والخليج العربي (الفارسي سابقاً) في الشرق؛ وهي إمارة حديثة التكوين تاريخها لا يتجاوز الثلاثة قرون، وقد كان أكثر أهلها من القبائل النجدية والأحسائية، وبذلك نرى أن مرتعها عربي قح، كما نرى أن النجدية والأحسائية كان لها أكبر الأثر في أدبها الشعبي، فبدا قوياً صريحاً فيه الإلهام الصحراوي وفيه الصلابة البدوية وفيه شئ من الجفاف، ولكن الصحراء كثيرا ما أضفت عليه الجمال البارع وأمدته بروحها البريئة في غمرات عذبة حنون. وقد طرق الأدب الشعبي الكويتي جميع أغراض الشعر فأجاد فيها وأبدع، ولكنه لم يبلغ في ذلك شأوا بعيداً؛ لأن الكويتيين لا يولونه كثيراً من العناية والتدليل، إذ أن شعراءهم الكبار بأدبهم وأشعارهم الفصحى قد طغوا بها بعض الشيء على ذلك الأدب الشعبي المسكين.

بيد أن هناك ممن أستهوى الأدب الشعبي أفئدتهم وحفزهم على تشجيعه، فقامت في سبيله مدرسة أبن فرج وأبن فوزان، وامتازت تلك المدرسة بإلهام عذب وخيال خصب ومعان سامية ووشى جذاب، وبعد ذلك ولجت الكويت باب التطور والارتقاء وكانت على بابه منذ قليل وتطورت فيها الحالة الثقافية والعلمية والأدبية، وكان قمينا بالأدب الشعبي آنذاك أن يثب بنفسه ويطفر الطفرة الملائمة للتطور، ولكن التطور الحديث أضعف شوكة الأدب الشعبي على عكس ما كان متوقعاً.

وأنا أرى أن السبب في ذلك أن النفوس كانت مهيأة لاستقبال التطور استقبالا أنساها كل شيء، كما أميل إلى القول بأن الأدب الشعبي كان في بدايته قوياً صارماً فيه صلابة وجفاف أن أتستثنينا بعضه، ونفسية الشعب الكويتي نفسه ساكنة وديعة تميل إلى خيال الحقيقة لا حقيقة الخيال، كما أن تطور الحالة الأدبية والعلمية لم يكن تطورا كاملا تم في لحظات، بل ما زال إلى اليوم يدلف في دربه اللاحب ليصل إلى الأنوار والأضواء وبذلك وجد التطور هوى في النفوس الكويتية، هوى فيه مقدمات وتمهيدات تدعو للتطلع

<<  <  ج:
ص:  >  >>