ذكرت في العدد (٢٠٩) من مجلة الرسالة الغراء ارتيابي فيما نقله الأستاذ محمد عبد الله عنان عن رحلة الشيخ عبد الغني النابلسي من أن الشيخ منصوراً المنوفي الضرير كان شيخاً للجامع الأزهر وقت قدومه في رحلته إلى مصر. وبنيت هذه الارتياب على أمرين: أولهما اضطراب ما ذكره الشيخ عبد الغني النابلسي في ذلك، وثانيهما مخالفته لما جاء في الكتب التي عنيت بذكر شيوخ الأزهر وترتيب ولايتهم له. من تاريخ الجبرتي والخطط التوفيقية وكنز الجوهر في تاريخ الأزهر، وقد خرجت من ذلك بترجيح هذه المصادر على هذا المصدر المضطرب.
ولكن هذا الترجيح الذي ذهبت إليه وهو المتعين عندي في هذه المسالة لم يرض به الأستاذ محمد عبد الله عنان لوجهين: أولهما أن القول بأن الشيخ منصوراً المنوف كان شيخاً للأزهر في ذلك الوقت قول معاصر وشاهد عيان عرف الشيخ وحادثه بنفسه، ولا يصح أن يسبغ عليه هذه الصفة عفواً، وثانيهما أن الشيخ النابلسي يقدم إلينا بياناً صحيحاً عن أكابر الحكام والمشايخ في مصر وقت مقدمه، ومن الصعب أن نعتقد أنه يخطئ في تعرف شيخ الأزهر، وهو من الشخصيات البارزة التي يهمه أن يتصل بها، وقد رأى في التوفيق بين هذا المصدر وتلك المصادر السابقة أنه من الممكن أن الشيخ المنوفي لم يمكث في ذلك سوى أشهر أو أسابيع قليلة، وأن يكون هذا هو السبب في إغفال تلك المصادر له في ثبت مشايخ الأزهر
ولا شك أن من يرجع إلى ما نقلته في ذلك من رحلة الشيخ النابلسي يرى أنه ذكر أنه قابل في صباح يوم الأحد ٢٨ من شهر ربيع الثاني الشيخ منصوراً المنوفي شيخ الجامع الأزهر، ثم ذكر أنه قابل في اليوم الثاني (يوم الاثنين ٢٩ من شهر ربيع الثاني) الشيخ أحمد المرحومي شيخ الأزهر، فإما أن يكون للأزهر في ذلك الوقت شيخان وهو غير مقبول، وإما أن الشيخ منصور المنوفي قد عزل في اليوم الأول وولى الشيخ أحمد المرحومي مكانه في اليوم الثاني وهو غير مقبول أيضاً. لأنه لو حدث مثل هذا في ذينك اليومين لأشار إليه الشيخ النابلسي في رحلته.