[قمرية تموت. . .]
(إلى روح الشاعرة المصرية (ن. ط. ع) التي عاشت كما
تعيش الفراشة: (ولدت مع الربيع وماتت مع الورد)
للآنسة هجران شوقي
أنوح على قمرية المورد العذب ... وأبكيك يا دنياي بالمدمع السكب
وأرثيك بالأشعار تقطر رقة ... كأنك مني لوعة الوجد والحب
وأسأل عنك النجم، والنجم حائر ... تمهل لا يسري وجمجم لاينى
وأستحلف الليل الكتوم لعله ... تسمع منك السر في زفرة النحب
فألقاك في الآهات فاض بها فمي ... وبالدمعة الحمراء جاد بها قلبي
وبالسهد يدنيني من السقم والبلى ... وبالكرب يا ويلي من السهد والكرب
كأنك آمالي اللواتي افتقدتها ... فيا مهجتي ذوبي على الأمل النهب
شهدت لقد أذوى الردى روضة المنى ... ونفر عنها طائرا شدوه يصبي
تغنى بمعسول الرجاء حياته ... وعاش كعمر الزهر في الفنن الرطب
وطافت على أنغامه صورة الأسى ... وسالت على أنفاسه رنة العتب
فبات يناجي الشهب، والشهب لمع ... كأن به شوقا إلى لامع الشهب
فيا أيها اللحن الحبيب الذي انطوى ... ورنم في سمعي وأشرق في لبي
ستحيا إلى جنبي ولو كنت رمة ... تهاوت بها الأيام في وحشة الترب
وأصفيك ودي - والحياة ودادة - ... وأسقيك دمع العين غرباً إلى غرب
وأنشدك الأشعُار تندى عذوبة ... وتنشدني من رائق الشعر ما يسبي
وألقاك في وادي الكرى، ويزورني ... خيالك في بحبوحة الحلم الرحب
كأنك روح قد تأبى على الردى ... فطرف إلى طرفي وجنب إلى جنبي
نقمنا على دنيا الصدور وضمنا ... لقاء يحيل البعد منا إلى قرب
دمشق:
هجران شوقي