للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

كتاب اللآلئ

شرح امالي القالي

للأستاذ أحمد أمين

أخرجت المطابع الشرقية، آلاف الكتب العربية، ولكن - مع الأسف - لم يكن الإخراج في أكثر الأحيان على نمط علمي ولا قريب منه؛ فكثير من الناشرين تجار لا علماء، يهمهم الربح أكثر مما تهمهم الدقة والضبط، فهم يعهدون في تصحيح كتبهم إلى من ليسوا محل ثقة، ولا أمانة، فلا يكلفون بنفسهم عناء جمع النسخ من الكتاب ليستعينوا بها، بل يعتمدون على نسخة واحدة وقد يكون غيرها خيراً منها، ثم لا يرعون الأمانة فيما بين أيديهم. فقد لا يفهمون جملة فيغيرونها أو يحذفونها، وقد لا يستطيعون قراءة كلمة فيضعون كلمة أخرى من عندهم محلها، من غير إشارة ولا تنبيه، فخرج كثير من الكتب وعدمها خير من وجودها، والنار أولى بها من المكتبات. وأمامي الآن وأنا أكتب هذه السطور كتاب الحيوان للجاحظ فلا أستطيع أن أقرأ صفحة منه من غير أن أعثر فيها على عدة عثرات، من نقص، إلى تصحيف، إلى زيادة حرف، إلى لحن، إلى ما شئت من كل ضروب الخطأ - مع أن في مكاتب العالم نسخاً يمكن بموازنتها إخراج نسخة أقرب إلى الضبط أدنى إلى الكمال. ومثل كتاب الحيوان غيره من الكتب الأخرى يطول القول بتعدادها، فنحن إذا عددنا الكتب الصحيحة أو القريبة من الصحة سهل علينا عدها، وإذا عددنا السيئة المغلوطة أعيانا العد، وقد أعرنا بعض العناية لكتب الحديث كالبخاري ومسلم، وكتب اللغة كالقاموس واللسان. فأما غير هذين النوعين فقد كان مجال الخطأ فيه فسيحاً وفي ميدانه متسع للجميع.

وقد سبقنا المستشرقون في النشر وطرقه بمراحل ووضعوا له قواعد وأصولاً؛ ولست أنسى المحاضرات القيمة التي ألقاها في سنة المرحوم (برجستراسر) في كلية الآداب بالجامعة المصرية في كيفية معارضة النسخ القديمة بعضها ببعض وكيفية النشر وما يجوز للناشر وما لا يجوز. . . الخ

وكان كثير من الكتب التي أخرجها المستشرقون مثالاً صالحاً، لأنهم يعدون نشر الكتاب من

<<  <  ج:
ص:  >  >>