للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الشعر والشاعر]

للدكتور عبد الوهاب عزام

سيدي صاحب الرسالة:

خطرت لي خطرة من الشعر في احدى الليالي منذ سبع سنين فأخذت القلم وكتبت الأبيات الآتية، ثم ألقيتها بين أوراقي. وكنت أقلب أوراقا منسية منذ أيام فعثرت عليها، وتذكرت اذ ذاك قوله تعالى: (وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت.) فأردت أن أحمل صاحب الرسالة تبعتها فأرسلتها اليه، وله الخيار أن يئدها كما كانت، أو ينشرها:

هو وحيٌ في شعاع القمر ... يملأ القلب ضياء وسلاما

أو حديثُ في حفيف الشجر ... أفشت الريح له سرّاً فهاما

أو بكاء في حنين الوتر ... ملأ الأنفس وجداً وغراما

هو طل الفجر فوق الزَهر ... يملأ الروض دموعا وابتساما

ثم يبدو مثل قَدحْ الشرر ... بين خفق القلب والهّمِ صداما

أو تراه كالوصايا العشر ... بين ومض البرق والرعد كلاما

ذلك الشعر إذا ما تَرجما ... عن خفايا وحيه اللفظُ المبين

رب شعر وحيه قد كُتما ... أبلغ الأشعار ما لا يستبين

يخلق الشاعر خلقاً آخراً ... من خيال حائر فيه المدى

يجعل الليل غراباً طائراً ... خاف نسر الصبح لما أن غدا

ويرى النجم شريداً حائراً ... هام يبغي في الدياجي موردا

ويفيق الناس عنه ثائراً ... فيرى القصة خلقاً مسعِداً

يبرأ الأبطالَ فيها ساحراً ... فتراهم في البرايا خُلَّدا

مثلا في البِرِّ يبقى سائراً ... أو حليف اللعن يبقى أبدا

كم هدى الشاعر قبلا أمما ... وحدا فيها إلى العز المكين

وبنى للمجد فيهم سلّما ... فاستقاموا للمعالي صاعدين

وجه من يهواه روض ناضر ... أٌلِّفتْ فيه من السحر معاني

ومن الطرة ليلٌ كافر ... ضُلِّلَتَ فيه دموع وأماني

<<  <  ج:
ص:  >  >>