[مختارات من مراثي مسعود]
من قصيدة الأستاذ محمد مصطفى الماحي:
مسعودُ يا عَلم الفصحى ومنجدها ... ومرسل النور في أيامها الجُون
ويا مجل اليراع العفِّ في صحف ... برئن من غمزات المطمح الدون
وكم عكفت على بحث كشف به ... ما حير الناس من سر الدهاقين
إذا تغشت صحيح الرأي غاشيةٌ ... جليتها برهيف الحد مسنون
وإن تكشَّف عن رعناء جائرة ... خَصم تكشفت عن حق وعن لين
ما العلم مجداً إذا لم يحمه خلق ... ولا الإخاء على حقد بمضمون
فارقت دنيا تبدت في مفاتنها ... لكلِ غر هواءِ القلب مفتون
لا الخل فيها بموفٍ في مواثقه ... ولا الصديق على سر بمأمون
بغى القوي وكم للبغي من صور ... ذاق الضعيف بها شتى الأفانين
وأصبح الناس فوضى لا منارَ لهم ... ولا مدبر من عقل ومن دين
وأطبق الشر حتى عاد أحْزَمهم ... يمضي برأي من الأهواء مأفون
لا يؤمنون وإن لانت قناتهمُ ... وكيف تؤمن غرات الشياطين
فمن مداج رمى عن قوسه عجباً ... من النقيضين: تمكين وتوهين
ومستبد رمى الدنيا بآبدة ... كأنما هي أفواه البراكين
في لمحة الطرف أمسى أهلها سِيراً ... ما بين محترق منهم ومطعون
فبات ظاهر ما فوق التراب صدى ... لكل ناء من الماضين مدفون
وبات باطن ما تحت التراب حمى ... يأوي إلى غوره شم العرانين!
لم ينج في سبح الأفلاك معتصم ... من البلاء ولا في مسبح النون
ويل الحضارة باتت لا تطالعنا ... إلا بفن إلى الآثام مقرون
ومرحباً بالوحوش الضاريات ففي ... جوارهن أمان غير موهون
هل غاية العلم أن تشقى النفوس به ... وأن تسام عذابَ الخسف والهون
وأن يعيش ذووه عيشة نكدا ... طاوين ما بين محروم ومسجون
فأهنأ بتركك داراً لا قرار لها ... ما كان تاركها يوماً بمغبون