على طريق الحملات المصرية في لبنان أيام دولة سلاطين
المماليك البحرية
للأستاذ أحمد رمزي بك
إن الطريق الموصل بين بعلبك ومدينة طرابلس يعد أعلى طريق معبد في الشرق الأدنى، ويخترق مناطق من أجمل المناطق في جبال لبنان ويمر قريباً من شجر الأرز الذي عاصر القرون الطويلة. وكلما اتجهت لزيارة هذه الجهة الخالدة واجتزت بلدتي بشرى وأهدن تواردت الخواطر تترى عليّ، ومرّت أمامي ذكريات حوادث التاريخ، ففي سنة ٨٨٢ هجرية قام الأشرف قايتباي برحلته المشهورة إلى أقاصي الحدود المصرية في الشمال حيث القلاع الإسلامية في داخل الأراضي التركية الحالية.
كان وصوله إلى بعلبك في يوم السبت ١٩ جمادي الآخرة وغادرنا الأحد وقت الظهر متخذاً طريق طرابلس مخترقاً الجبال العالية فأمضى الليل في عقبه (ليمونة) على أرتفاع ١٩٦٠ متراً على سطح البحر. ويقول كاتب رحلة السلطان إن الطريق إليها كان وعراً وهي وسط الجبال تحيط بها أشجار الكمثرى.
ولما اجتاز العقبة اتخذ طريقه إلى الحدث (حدث الجبة) حيث صلى الصبح ومن هذه إلى كفر فاحل ويسميها صاحب الرحلة قاهر. والطريق إليها يمر بحوالي ٣٦٠ لفتة، ثم انحدر السلطان إلى طرابلس فوصلها في مساء الاثنين وأقام بها إلى الخميس ٢٤ جمادي الآخرة سنة ٨٨٢.
وهذه الرحلة تعيد إلى مخيلتي الحملات التي وجهها جند مصر إلى هذه النواحي فأنا لا أذكر للقارئ ما كتبه البطريك اسطفانوس الدويهي عن تاريخ سنة ١٢٨٣ نقلا عن بعض كتب للصلاة عن فتح (جبة بشرى) وحصار (أهدن) كما لا أعرض لما كتبه صالح ابن يحيى في كتابه عن تاريخ أمراء الغرب وما جاء فيه نقلا عن النويري والصلاح الكتبي في فتوح المصريين للسكسروان لأن العبارات الواردة في كتابه صفحة ٢٩ هي بعينها التي أوردها ابن الفرات في كتابه جزء ٨ صفحة ١٤٢ مما يدل على أنهم جميعاً ينقلون عن