للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[المهلب بن أبي صفرة]

للأستاذ حمدي الحسيني

ولد المهلب لأبى صفرة سيد الأزد في اليمن قبيل وفاة النبي (ص) ببضع سنين ففتحت عيناه في نور الإسلام وأشرقت نفسه بإشراقة الهدى ودين الحق، فنشأ سيداً ماجداً وحراً مستقلا في أمة حرة مستقلة ومؤمناً مجاهداً في صفوف المؤمنين المجاهدين، وبطلا عظيما منتصراً في ميادين المجد والشرف.

هبط أبو صفوة البصرة على اثر حرب من حروب الردة اليمن، فعاش المهلب هناك ولم يلبث حتى أصبح سيد العراق بما آتاه الله من صفات السيادة والتفوق على الأقران بالفضائل قدم المهلب على عبد الله بن الزبير الخليفة البطل أثناء خلافته في الحجاز والعراق وهو يومئذ في مكة، فخلا به عبد الله يشاوره فدخل عليه عبدا لله صفوان فقال: من هذا الذي شغلك يا أمير المؤمنين يومك هذا؟ قال. أما تعرفه؟ قال (لا) قال هذا سيد العراق، قال فهو المهلب بن أبي صفرة؟ قال نعم.

أجل هذا هو سيد الأزد وبطل العراق المهلب بن أبي صفرة يخلو به الخليفة عبد الله بن الزبير ويشاوره في اشد أزماته وأعقد مشكلاته وأدق مواقفه وأخطر حوادثه. أليس الزمن عصيباً والموقف حرجاً؟ أليس صولجان الحكم الإسلامي مضطرباً بين يدي عبد الله بن الزبير في الحجاز وعبد الملك ابن مروان في الشام؟ كل منها يجذبه من صاحبه بما عنده من قوة. أليس العراق وما يجاور العراق من الأقطار الإسلامية كرة تتقاذفها قوات الحجاز والشام تصبح لهذا وتمسى لذلك؟ أليس هؤلاء الخوارج ينكرون على عبد الله بن الزبير وعبد الملك ابن مروان خلافتيهما كما أنكروا على علي بن أبي طالب ومعاوية ابن سفيان خلافتيهما من قبل فيتقبلون في أنحاء البلاد من البصرة إلى الموصل إلى الأهواز إلى كرمان يقتلون العباد ويهدمون البلاد ويقيمون على الأشلاء والأطلال ممالك وحكومات أجل إن الأمر لخطير، ولابد فيه لعبد الله بن الزبير من المشورة، وهل أرجح من المهلب عقلا وأعلى همة وأوسع معرفة وأعظم نفوذاً حتى يستشيره عبد الله بن الزبير دون المهلب؟ إذا لابد لابن الزبير من استشارة المهلب، ولا بد له من أن يوليه على خراسان حمل المهلب عهد ابن الزبير له على خراسان وتوجه به نحوها عن طريق العراق ووصل البصرة

<<  <  ج:
ص:  >  >>