سبق أن قررت في مقالي السابق عن مسرحيات تيمور أن القيمة الأدبية الحقة للعمل الأدبي، مسرحية كان أو قصة، رهينة بما يسجله من الحقائق الإنسانية الخالدة التي تسمو على مشكلات الاجتماع، ومسائل الإصلاح الموقوت، وأزياء الأساليب البيانية، وتتجاوزها إلى ما هو أعرق في الأصالة وأجدر بالمعالجة، إلا وهو النفس البشرية بكامل كيانها، فيكون همُّ الكاتب قبل كل شيء، تسجيل سماتها والكشف عن مظاهرها ومضمراتها. ومن أجل هذا جعلت نقدي للمسرحية الأولى من مسرحيات تيمور، ألا وهي (الصعلوك)، معنى بهذه الناحية وتجاوزت قصداً عما سواها؛ وسيكون هذا دأبي في نقد المسرحيتين الأخريين، وهما (أبو شوشة) و (الموكب) وعلى أساس أن كياننا النفسي الكامل يتألف من العقل الظاهر (الوعي) ومن العقل الباطن (اللاوعي)، وإننا في تصرفاتنا خاضعون إلى التيارات الخفية التي تنطلق من معقل الوعي الباطن فتدفعنا إلى إتيان بادرات، لا يستطيع عقلنا الظاهر تفسيرها.
النقد تنبيه وتبيين وتسجيل
إن مهمة الناقد وقد أخذ بما أسلفناه شاقة عسيرة، ولكنها مجدية للقارئ قبل كل شيء، إذ أنها تقدم له بيان واضح وسرد مستفيض غير مقيد بأوضاع وقيم فنية مرسومة، تقدم إليه سمات هذه الشخصيات التي نلخصها في تعقيدها النفسي مضطربة مقنعة، بعد أن يكون الناقد قد استخرجها من بين السطور، وقيد أوابدها، وتصيد شواردها، وحلل نزعاتها، وأسقط أقنعتها.
ورب معترض يقول: وما هذا اللون من الأدب أو المسرحية الذي يحتاج إلى تفسير وتعليق وتذييل يجلو الغموض ويبدد الأبهام؟ ولم كل هذا التعليق من جانب الناقد!؟
وجوابنا: أن لا غموض ولا إبهام تلحظه العين في عمل أدبي حق، لو أن كل قارئ كان