للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ماضي القرويين وحاضرها]

للأستاذ عبد الله كنون الحسني

- ٣ -

وليس لأوقات الدراسة ضابط معين بل النهار كله من طلوع الفجر إلى المغرب وقت صالح للتدريس وتزاد عليه الحصة الواقعة بين العشاءين أيضاً. والدرس قد يمتد إلى الساعتين والثلاث بحسب قوة الأستاذ. وتدرس العلوم العقلية والنقلية في الصباح والمساء على السواء، إلا أن الغالب تخصيص الحصة التي بين العشاءين بالدروس الدينية والتهذيبية والوعظية من التفسير والحديث والفقه لحضور العامة لها إذ يكون الوقت وقت فراغ وانصراف عن الشغل. وكذا يقال في الدرس الأول الذي يكون عقب صلاة الصبح. وأيام العطلة هي في الغالب الأخمسة والجمع وأسابيع الأعياد وأيام المواسم. على أن منهم من يغتنم فرصة هذه الأيام فيقرأ فيها فنوناً متنوعة في كتب صغيرة مما يتهيأ ختمه في مدة قريبة

ومواد الدراسة لا تنضبط بعدد ولا تستقر على حال. على أن الدروس الدينية واللغوية لم تنقطع من الجامعة في وقت من الأوقات ودائماً تكون لها الأغلبية، في حين أن العلوم العقلية منها ما لا ينهض إلا بمناصرة السلطة التي يكون هواها مع هذا العلم أو ذاك كما حصل على عهد الموحدين من إحياء علو الفلسفة والأخذ بضبع أهلها لِما كان من ميل يوسف بن عبد المؤمن (مأمون المغرب) لها وشغفه بها. ومنها ما كان يروج وينفق إذا وجد من يحسن القيام عليه والدعوة إليه من أهله المتحققين به المتفرغين له كالنهضة العظيمة التي كانت لعلوم الرياضة على عهد المرينيين، والتي أوجدها أفراد من العلماء كانوا في عهدهم منقطعي القرين في تلك العلوم

ثم الطلبة قسمان: (١) أهليون ونعني بهم أبناء فاس، وما زال أهل فاس من أحرص الناس على طلب العلوم الدينية في القرويين (٢) وآفاقيون ومنهم الواردون على فاس من مختلف المدن والقرى في المغرب بل والجزائر والصحراء، وعددهم يتراوح بين (٥٠٠) و (٧٠٠) طالب. ومحل سكناهم المدارس التي سبق الكلام على بعضها، ويتناولون من الأوقاف بصفة مؤونة رغيفاً واحداً في اليوم. ولبعضهم جرايات وقفية لا بأس بها يأخذونها

<<  <  ج:
ص:  >  >>