للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من بريد الرسالة]

على غير انتظار ولا توقع وجدت اليوم في بريد الرسالة كتاباً من السيدة حياة. والذين كانوا يقرءون جريدة (الليبرتيه) على عهد ليون كاسترو، أو مجلة الرسالة في عامها الأول، لا يزالون يذكرون ولاشك هذا الاسم الجميل وذلك الأسلوب الساحر وتلك القريحة النسوية الصافية التي تخلق من الشعر والمنطق صوراً من الفكر الرصين البارع

ذلك الكتاب كذينك الكتابين وردي الغلاف أنيق الخط مصري الروح فرنسي اللغة؛ ولكنه يختلف عنهما بمعان من المحافظة والاعتدال لعلهما رجع المبالغة والإسراف في حياة المرأة المصرية الحديثة

لا أحب أن أفقدك شيئاً من جمال هذا الكتاب بتلخيصه أو اقتضابه، فإنه

في ذاته وحدة من البيان الصريح والقول الشارح لا تقبل توطئة ولا

تجزئة. فأنا أترجمه إليك ترجمة لا تخالف الأصل إلا في اللفظ؛ أما

تأليف الجملة، وتنسيق الفكرة، وتلوين الصورة، فذلك كله لفن الكاتبة.

وإذا علمت أن السيدة حياة إنما تكتب بروح عربية وطبيعة مصرية،

سهل عليك أن تدرك سر هذا الائتلاف العجيب بين العربية والفرنسية

في قلمها المبدع

أستاذي العزيز

مازلت أوثر أن أكتب إليك بالفرنسية على الرغم من بلوغي في البيان العربي بفضل الرسالة مكانة لا بأس بها. وسبب هذا الإيثار أن المرء يميل بطبعه إلى جهة القدرة لا إلى جهة العجز، ويؤثر بغريزته جانب الكمال على جانب النقص. ولغتي العربية لا تزال عاجزة عن رياضة هذا القلم في يدي، فإذا كتبت بها إليك أهملت ما أكتب فتسيء إليّ، أو أعملت فيه قلمك فتزوره علي. وأنا كأكثر النساء مستكبرة أنوفة، فلا أحب أن أكون من الرجل في موضع الإهمال أو المعونة

أكتب إليك في صباح ليلة ساهرة ثائرة تقسمت مشاهدها العجيبة خواطري ومشاعري، فكأنني لم أشهد قبلها ليلة! والحق أن ليلة (مبرة محمد علي) في هذا العام كانت بدعاً في

<<  <  ج:
ص:  >  >>