للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[يحيى النحوي]

للدكتور جواد علي

ومن هو يحيى النحوي ذلك العالم الذي يرد اسمه كثيراً في كتب الفلسفة والطب والطبيعيات لدى العرب؟ يرد كمؤلف وكمنتقد لكتب اليونان السابقين، وكطبيب، ويرد كوسيط بين الحضارة اليونانية المسيحية وبين الحضارة العربية الإسلامية فيدخل اسمه بين مؤلفات كثير من علماء المسلمين ويستشهد بأقواله جماعة من أسلافنا العلماء.

قالوا إنه كان يحيى الإسكندراني الأسكلاني تلميذ ساوداي وانه كان أسقفا في بعض الكنائس بمصر ويعتقد مذهب النصارى اليعقوبية، ثم رجع عما يعتقده النصارى في التثليث فاجتمعت الأساقفة وناظرته فغلبهم واستعطفته وآنسته وسألته الرجوع عما هو عليه وترك إظهاره فأقام على ما كان عليه وأبى أن يرجع فأسقطوه وعاش إلى أن فتحت مصر على يد عمرو بن العاص فدخل إليه وأكرمه ورأى له موضعاً. وقد فسر كتب أرسطو طاليس وكتب عن طب جالينوس الشهير.

وقد ذكر الوزير جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف القفطي (المتوفى عام ٦٤٦هـ) في كتابه أخبار الحكماء نفس القصة التي ذكرها ابن النديم بعد أن أضاف إليها أن عمرو بن العاص لما سمع من ألفاظه الفلسفية وحججه المنطقية التي لم يكن للعرب بها أنسة لازمه وكان لا يكاد يفارقه، وأنه نظراً لهذه الدالة التي كانت ليحيي على عمرو طلب منه ذات يوم تسلم بعض ما في خزائن الإسكندرية من كتب لينتفع بها. ولما كتب عمرو إلى الخليفة يستأذنه أمره الخليفة بإحراق ما في الإسكندرية من كتب.

وذكر الوزير قصة أخرى سندها رواية أبي عبيد الله بن جبريل ابن عبيد الله بن بختيشوع الطبيب في كيفية نبوغ يحيى في الفلسفة والمنطق دون سائر العلوم. وهي قصة وردت في كتاب عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة أيضاً؛ وسندها كتاب مناقب الأطباء لعبيد الله بن جبريل على ما يقوله صاحبنا ابن أبي أصيبعة هذا، ويضيف إليها رواية نقلها من تعاليق الشيخ أبى سليمان محمد بن طاهر بن بهرام السجستاني في أن يحيى كان في أيام عمرو بن العاص وأنه شهد الفتح الإسلامي لمصر.

وقد عرف اليونان والسريان هذه الشخصية ولكنهم عرفوها في وقت آخر غير الوقت الذي

<<  <  ج:
ص:  >  >>