حدده المسلمون وسموها اسما يختلف قليلا عن هذا الاسم: سموه يوحنا فيلوبونس ومعناه يوحنا الحريص؛ وسموه أيضاً يوحنا الغراماطيقي أي يوحنا النحوي (يحيى) وقالوا عنه: إنه كان أحد تلامذة أمونياس بن هرمياس. وكان يعلم في الإسكندرية نحو السنة ٤٨٠ الميلادية وانه كان من رجال القرن السادس. وقال عنه ميخائيل إنه ظهر سنة ٥٥٠ ميلادية وانه اتبع بدعة المثلثين وأنه ألف كتبا يدافع عنها. فلما عرف به الإسكندريون حرموه كما حرمه رؤساء ذلك أديرة بلاد العرب نحو سنة ٥٧٣ الميلادية. فأنت ترى من ذلك أن الرجل عاش ومات في عصر لم يكن العرب فيه قد فتحوا مصر بعد؛ ولا يعقل أن يكون قد شهد هذا الفتح أيضاً، فكيف السبيل؟
حاول جرجيس أفندي فيلوثاوس عوض من أقباط مصر وحاول الأب لويس شيخو اليسوعي إيجاد حل معقول لهذه المشكلة التاريخية، فقالا: المعقول أن يكون مقصود العرب من يحيى النحوي هو يوحنا النقوي أو النخوي أسقف مدينة نخو، المعروفة عند اليونانيين باسم نيقيوس أو نيكيو وعند اللاتين باسم أو وإن هذا الاشتباه الذي حصل لدى العرب إنما كان من قبيل التصحيف. وتكاد الظروف التي أحاطت بالأسقف يوحنا النخوي تنطبق مع الظروف والتفصيلات التي تنقلها الرواية العربية المذكورة عن يحيى النحوي، فقد ذكر هذا الأسقف في جملة من حوكم أمام سيمون أسقف الإسكندرية الذي ترأس محاكمة أصحاب البدع عام ٦٨٣ الميلادية وذكر أنه ألف كتابا في التاريخ باللغة اليونانية ذكر فيه فتح العرب لمصر، عرّبه أحد الأقباط ونقل هذا التعريب إلى الحبشية، وتوجد النسخة الحبشية في جملة مخطوطات المتحف البريطاني. وذكر عنه أيضاً أنه كان صديقا موالياً لقورس بطريرك الإسكندرية وزعيم المنوثلين، وهو الذي يدعوه العرب بالمقوقس، وقد ناصرهم في فتح الإسكندرية. فهذه الصداقة على ما يقوله الأب لويس شيخو قربته من العرب وجعلته من أصدقاء عمرو بن العاص.
وهذا الحل لا يخلو من اعتراضات أيضاً. فالمعروف عن يحيى النحوي أنه كان من الأطباء وأنه كان من الفلاسفة أيضاً، وكتبه تدل على رجل عالم بالطب والفلسفة معاً على رجل ديني فحسب كما هو شأن الأسقف يوحنا النخوي. والمعروف عنه أيضاً إنه كان أسقفاً من أساقفة الإسكندرية، ولم يكن النخوي أسقفاً على الإسكندرية أبداً. على أن الإمام