للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بين الشرق والغرب]

للأستاذ محمود الخفيف

غَنَّ يا شِعرُ فقد طالَ البكاءُ ... وَتَطَلَّعْناَ إلى بعض العَزاءْ

غَنَّ بالشرق وماضي عِزَّه ... حان أن يُطرِبَنَا هذا الغِناءْ

ًصُغْ من اللَّحْنِ نشيدَ الأمَلِ ... وأهازيجَ الضُّحى المُقْتَبَلِ

هات يا شعرُ أَحاديثَ العلىَ ... لا تَقِفْ عند حَدِثِ الأُوَلِ

عَلِّمِ الأَشبالَ في وثبتِهمْ ... كيف يرقون إلى أوج العلاء

أنشِد الألحانَ للِصُّبح الوليدْ ... واملأ الآفاقَ من هذا النشيدْ

أيقِظِ النوَّامَ من غَفْوَتِهمْ ... وتَرنَّمْ بالأماني من جديد

رَفَّ نورُ الصبح في هام الشجَرْ ... وانجلتْ آياتُه ملء البَصَرْ

وسَرَت في الكون من أنفاسه ... نَفْحَةٌ نمَّتْ بأحلام الزَّهَر

عَرَفتْ رُوحي شَذَا فانْتشَتْ ... ورأى قلبي بها معنى الرَّجاءْ

هِيهِ ما أجمل أطياف الشّفَقْ ... تَتَراءى بَعدَ أن طال الغَسقْ

صورٌ ضاحِكةٌ خافِقَةٌ ... ضَحِكَ القَلبُ إليها وخَفَقْ

لُمَعٌ توحي أحاديثَ الخلودْ ... عن جلال الشرق في صُبح الوجودْ

وعن العِزَّةِ إبَّان الضُّحى ... وبنو الغرب على الذُّل قعودْ

شَدَّ ما تبْهجُني تلك الرُّؤى ... وسَناَ أيامِهاَ الغُرِّ الوضاٍء

هِمْتُ بالشَّرقِ نورِهِ ... وَهَفَتْ نَفْسي لخافي سره

كم ملأتُ العينَ من ألوانه ... واجْتَلَى قلبي الرُّؤَى من سِحْرِهِ

ولكم كان لفكري مَسْرَحاَ ... كلما أَوْحى لشعري أفْصَحاَ

أبعَثُ الغابِرَ من أخبارِه ... نَسَماَتٍ كالصَّباَ أو أرْوَحا

نسماتٍ يهمسُ المجدُ بها ... تلهم الأبناء معنى الكبرياء

خُذْ من النيل حديثَ الغابرينْ ... وتأمَّلْ في القرون الأرْبعينْ

واستَزِدْ دِجْلَةَ من أخبارِه ... عن بنيهِ النابهينَ الأوَّلينْ

ورِدِ الهندَ ففي غاباتها ... وُلِدَ الساحرُِ من آياتها

<<  <  ج:
ص:  >  >>