للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تحديقاً وأعمق أثراً في النفس.

وفي الصباح عاد الرجل يجوب الطرقات منادياً كعادته. دار حول البيت المعهود مرة ومرات فلم ير إلا نوافذ مفتوحة كأنها فتحات القبور. لم ير العينين! وأخذ طريقه كالمعتاد، فسار وسار ينادي، ولكن في غير لذة وفي غير نشوة، وإذا به يسمع من بيت قريب: (الله! ما لصوت الرجل تغير؟ يا خسارة! كان صوته جميلاً وحلواً! لا بد أنه مريض!).

لم يعد مجال للشك. لقد فقد هذا الصوت الذي كان له ذخراً وأي ذخر: أصابته العين ولم يصبه إلا هاتان العينان السوداوان الواسعتان، حُسِد وجازت فيه عين الحسود!

عاد إلى أهله ورقى في نفسه ورقاه أهله، ولكن الرقية ضاعت سدى. ولم يكن من يتقن الرقية إى هو، ولا يمكن أن يقوم بها لنفسه كما يقوم بها لغيره. فالرقية فن له حركاته وأعماله ومراسيمه، واليوم أصابته هو العين، فيا ترى من يرقيه؟

سهير القلماوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>