هذا عنوان كتاب جديد للأستاذ سيد قطب، كتاب يعرض فيه سوء حالة المجتمع وما يشيع في نفوس أفراده من قلق بسبب الأوضاع الظالمة، ويعني خاصة - عند الكلام على هذه الأوضاع - بكشف الستار عن الجاذبية الشيوعية التي تسحر ألباب الكادحين إذ تعدهم بالخلاص مما يعانونه من بؤس وحرمان ذاهبا إلى أن الخلاص الحقيقي الذي يحفظ الإنسانية كرامتها وحريتها إنما هو في الإسلام: نظمه وتشريعه وحكمه. وهو يهاجم الأوضاع القائمة هجوماً عنيفاً، يأتي عنفه من الصراحة والبصر بحقائق الأمور. ومن هنا يبدو الكتاب (حريفا) يبلغ في غرضه ما لا تستطيع أن تبلغه الوسائل الأخرى من كتابة بريئة أو غير بريئة. . . ذلك لأن المؤلف يلذع ثم (يزيت) موضع اللذع بدسم الإسلام
هذا هو الكلام الجد. . . نحن في أحوال سيئة ما في ذلك شك، أحوال يسودها الاستغلال وتتحكم فيها الرأسمالية، ولكنها لا تريد شيوعية. ولماذا نلجأ إلى الشيوعية (إذا كان هناك نظام آخر يمنحنا الخير الذي تمنحه لنا الشيوعية، ويعفينا من بشاعة الثراء الفاحش وفوارق الطبقات، ويحقق لنا مجتمعاً متوازناً لا حرمان فيه ولا افتراء. . ثم يمنحنا في الوقت ذاته غذاء الروح، وحرية الفكر، والشعور الإنساني، الأرقى بالإنسان والحياة. ما القول إذا كان هناك نظام، لا يدعنا ذيلا في القافلة، قافلة الشيوعية أو قافلة الرأسمالية. . . إنما يمنحنا مع العدالة الاجتماعية المطلقة في الداخل، كرامة دولية عزيزة في الخارج، ويرد إلينا اعتبارنا في المجتمع الدولي؛ وقد يعفينا من ويلات الحرب، ويعفي الإنسانية معنا من هذا البلاء)
ويلخص الأستاذ سيد قطب مشكلاتنا الاجتماعية في: سوء توزيع الملكيات والثروات، ومشكلة العمل والأجور، وعدم تكافؤ الفرص، وفساد جهاز العمل وضعف الإنتاج؛ ويعرضها - واحدة واحدة - على الإسلام، ويشرح علاجه الحاسم لها، ثم يخلص إلى أن الإسلام يجب أن يحكم ليستطيع أن يطبق وينفذ مفنداً ما يوجه إلى حكم الإسلام من مطاعن وما يقف في سبيله من عدوات هي عداوات الصليبين، والمستعمرين، والمستغلين والطغاة،