للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إلى الأستاذ توفيق الحكيم]

للأستاذ سيد قطب

. . . لكأنما أسمعك تقول في عتب يشوبه الألم والغضب: لماذا تنسى أنني من قبل قد عالجت: (أهل الكهف) و (شهرزاد) و (سليمان الحكيم) وكلها موضوعات إسلامية أو شرقية. ولم تكن محاولاتي قاصرة على (أوديب) و (بيجماليون) و (يراكسا).

شيئاُ من التمهل يا صديقي الكبير.

أتذكر على أي أساس عالجت هذه الأساطير الشرقية؟

لقد عالجتها على الأساس الذهني. . . فكرة تناضل فكرة؛ أفكار مجردة تتحرك على (مسرح الذهن) كما ألهمت أنت أن تسميه!

إن عبقرية الشرق الأصلية لم تكن مجرد عبقرية ذهن تجريدية. لقد كان الذهن قوة من قواتها ولكن لم يكن قوامها الأصيل: إنها أبدا كانت عبقرية حس حي أو روح رفاف. نجدها في الهند صوفية مضحية عميقة، وفي العرب طبعاُ حياُ متوفزا، وفي مصر وداعة وبساطة وإيمانا.

إن عبقرية الشرق الأصيلة لم تكن يوما ما مجرد عبقرية ذهن تجريدية. لقد كان الذهن قوة من قواتها ولكنه لم يكن قوامها الأصيل: إنها أبدا كانت عبقرية حس حي أو روح رفاف. نجدها في الهند صوفية مضحية عميقة، وفي العرب طبعا حيا متوفرا، وفي مصر وداعة وبساطة وإيمانا.

إن عبقرية الذهن التجريدية عبقرية غربية. وعلى وجه خاص، عبقرية فرنسية!

آه يا صديقي! ليتك لم تذهب إلى فرنسا!

ولكنك ما كنت بمستطيع إذن أن تقوم بدورك الأساسي في وضع القالب الفني الصحيح للتمثيليةالعربية. فدراستك هناك للمسرح الإغريقي هي التي مكنتك من وضع القالب السليم.

إن الخير لا يمكن تمحيضه. والشر لا يخلو من الخير بحال.

والآن يا صديقي هل أدلك على النبع؟

لقد قال لك أستاذك الفرنسي كما قلت في زهرة العمر، وأنت تعرض عليه محاولاتك باللغة الفرنسية: (أكتب بلغتك لتبدع)!

<<  <  ج:
ص:  >  >>