[الشهيد]
للأستاذ محمود الخفيف
رأى الموت جهما فما أحجما ... وأوحى له الكبرُ أن يَبسِما
فتىً همه كان خوض الردى ... وكم شق موجا له أقتما
وظل على صهوات الحتوف ... إلى أن هوى، البطل المعلما
فتىً كان في الخَلْق أوفى الخصال ... كما شاء أن يتناهى الكمالْ
كما اعتدل الرمح عودٌ له ... وحد الحسام له والصقال
كأن من الصخر قلبا له ... وكم رفَّ قبلُ لسحر الجمال
فتىً ما درى قط معنى القعود ... ولا عرفت روُحه من قيودْ
له همة أن تداعى الرجال ... يقصر عنها العُقابُ الصَّيود
على اللهو ضنَّ بأيامِه ... وبالدم في كل يومٍ يجود
له دعوة المجد أشهى نشيد ... وأحلى الغناء رنينُ الحديدْ
إذا ساورته طيوف الإيمان ... مشى للمنايا بعزمٍ جديد
وإن باح صَبٌ بأحلامه ... عن النصر حُلماً له لن يحيد
فتىً كان في السلم حلو الشباب ... وإن كان مراً غداة الضراب
وضيئ المحيا ترى كبْرَهُ ... وقد مازجته السجايا العِذاب
إذا الليل ضجَّ بِسُمَّارهِِ ... توقدَ روحٌ له كالشهاب
وإن عصف الرأي كان الأريبا ... وكان الرفيق البليغ الأدب
وإن ندبَ الناسُ للصالحات ... تردَّي من الفضل ثوباً قشيبا
فتىً أكمل الحب أوصافَه ... فبات إلى كل قلب حبيبا
وكم رشقته سهام الجفون ... وأومأ حيث استوى السامرون
وقار البطولة في ناظريه ... وإِن ضجَّ في مسمعيه المجون
وتصحو له ناعسات العيون ... ويغفو فما مسه من فتون
فتىً كان وهو الأبيُّ الطليق ... أسيرَ هوى قلبه لا يُفيقْ
وكم ذاقَ من نْشوَةٍ قلبُه ... وكمْ ذاق مثلَ عذاب الحريق