للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من ذكريات لبنان]

الحذاء الذهبي

للأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني

(استيقظت!)

وكانت قد أغفت، وهي قاعدة على دكة تحت شجرة صنوبر، وذراعها على سور النافورة، ويسراها على حجرها، ثم فركت عينيها فقلت:

(والآن أرجو أن يلهمها الله ألا تغير جلستها، فإنها هكذا أحلى!)

فحطت ساقا عن ساق، وتناولت حقيبتها الصغيرة وفتحتها ونظرت في المرآة، ثم أخرجت منديلا، وجعلت تلمس به وجهها في مواضع فقلت:

(ولها جيد جميل أيضا - وأناملها مخضبة. . . الآن صرت لا أرى عيبا في قول من يقول إن هذا من دم العشاق!)

فابتسمت وقالت - كأنها تحدث نفسها - (ماذا يقول هذا الرجل؟)

فقلت، وأنا أنكث الأرض بعود صغير في يدي: (إنه يسأل: أتراك زوجته؟)

فزوت ما بين عينيها وقالت: (زوجته؟ زوجة من؟)

قلت: (زوجتي أنا!)

فصاحت: (إيه؟)

قلت: (زوجتي. . . تعرفين الكلمة؟. . يتهجونها هنا بالزاي والواو والجيم، أتهجاها أنا بالحاء والباء و. . .)

وكانت تنظر إلي مبهوتة، ثم ابتسمت وسألتني:

(هل تعني أنك لا تستطيع أن تعرف زوجتك حين تراها؟)

فأهملت السؤال وقلت: وأنا أشير بالعود الذي في يدي:

(إنك هي. . . أو أنت عيناها، وجيدها وساقاها. . .)

فخيل إليها أنها فهمت وقالت: (أوووه! ألك زمان طويل لم ترها؟)

قلت: (طويل جدا. . . ربع ساعة!)

فصدمها هذا فقطبت وقالت: (إنك تسخر مني) ومدت يدها إلى الحقيبة

<<  <  ج:
ص:  >  >>