للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مثال. . .]

رأي الأزهريين في لبس القبعة

للأستاذ محمد محمد المدني

كتبت في إحدى (مرسلاتي) كلمة موجزة عن (اختلاف الأزهريين) سجلت فيها ظاهرة غريبة ربما عدت شأناً من شئون الأزهر الخاصة، وعلامة من علاماته المميزة: تلك هي التفاوت البعيد في النظر إلى الأشياء والحكم عليها مع أن القوم يشربون من معين واحد، ويصدرون عن ثقافة ما ترى في أصولها من تفاوت، وقد اختصرت في ذلك بعض الأمثلة، ولم أعرض لذكر الأسباب فكتب إليّ كاتبان فاضلان من قراء (الرسالة) يسألني أحدهما أن أذكر بعض المثل واضحة مفصلة، ويسألني الأخر أن أبين الأسباب التي تفضي بالأزهريين إلى هذا الخلاف في الحين بعد الحين. ولست أحب أن أعرض لذكر الأسباب كما يريدني أحد هذين الكاتبين، فأنه ليعلم أن القول في ذلك مؤلم موجع في بعض نواحيه، وفي الأزهر نفوس لا نحب لها أن تألم، وجنوب عزيز علينا أن تُقض، فحسبنا أن نذكر بعض المثل الواضحة في هذا الشأن تبصره وذكرى لعلهم يرجعون:

المثال الذي اخترته ليس فكرة من الفِكَر التي تشغل الناس اليوم وإنما هو فكرة تاريخية قد تداولتها عهود، ومرت بها أطوار تبتدئ من أواخر القرن الهجري الماضي: ذلك المثال هو (رأي الأزهريين في لبس البرنيطة). وقد اشتغل الأزهريون بهذا الموضوع أربع مرات: اشتغلوا به لأول مرة في عهد الشيخ محمد عليش مفتي السادة المالكية المتوفى سنة ١٢٩٩هـ، وقد سجلت (الرسالة) رأي هذا الشيخ فيما نشرته (للناقد الأزهري) (بالعدد ٤١٦ ص٨١٣ من السنة التاسعة)، وقد جاء في ختام هذا الرأي ما نصه:

(إنه تقرر في شريعة المسلمين أن حكم هؤلاء - يقصد لابس البرنيطة - أمرهم بالتوبة والرجوع إلى دينهم، والتزيي بزي المسلمين، وإمهالهم لذلك ثلاثة أيام، فإن فعلوا ذلك قبلت توبتهم، وخلى سبيلهم؛ وإن تمت الأيام الثلاثة ولم يتوبوا قطعت رقابهم بالسيف، ولا يغسلون، ولا يصلى عليهم لموتهم على الكفر. . .)

واشتغل الأزهريون بهذا الموضوع مرة ثانية في عهد الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده رضي الله عنه وأرضاه، حينما سأله الحاج مصطفى الترنسفالي في أنه يوجد أفراد في بلاد

<<  <  ج:
ص:  >  >>