الترنسفال تلبس البرانيط لقضاء مصالحهم وعود الفوائد عليهم فهل يجوز ذلك؟ فأجابه بفتواه المختصرة التي أقامت الأزهر يومئذ وأقعدته. وهذا نصها كما جاء في محفوظات دار الإفتاء المصرية (رقم ١٩٠ - ٦ شعبان ١٣٢١هـ): (أما لبس البرنيطة إذا لم يقصد فاعله الخروج من الإسلام والدخول في دين غيره فلا يعد مكفراً. وإذا كان اللبس لحاجة من حجب شمس أو دفع مكروه أو تيسير مصلحة لم يكره كذلك لزوال معنى التشبه بالمرة)
ثم عرض الأزهر لهذا الموضوع مرة ثالثة فقيل إن جماعة كبار العلماء أو لجنة منها بحثته وأصدرت فيه رأيها وهو يقضي بعدم جواز لبس البرنيطة. ولم أطلع على سند هذا الرأي لأنه ليس للجماعة مكتب ولا سجل منظم تقيد فيه بحوثها، وتسجل آراؤها. وقد أردت في العام الماضي أن أطلع على بعض الرسائل العلمية التي تنال بها عضوية الجماعة فتدافعني الموظفون في الإدارة العامة واحداً إلى واحد، ثم لم أهتد إليها ولم يبح لي أحد بسرها!
وأخيراً عرض لهذا الموضوع رجل الفقه والإفتاء الأستاذ الكبير الشيخ عبد المجيد سليم، وقد سأله مفتي مدينة كوملجنة بتراقيا الغربية بما خلاصته:(إنني بصفتي الرسمية لا أقر لمن يلبسون القبعة في بلادي ببدعتهم هذه، ولا أوقع على وراثتهم من المسلمين، ولا على زواجهم من المسلمات، فيسخطون عليّ، ويتخذونني شكية عند الناس وعند الحكومة، وفي اعتقادي أني لا أحكم فيهم بغير ما حكم به الشرع الإسلامي، فإن كنت على حق فساعدوني رحمكم الله وأيدوني بكلمتكم الفصل؛ وإلا فدلوني على ما هو الحق الحقيقي بالأتباع)
ولم يكن فضيلة الأستاذ الكبير عضواً بجماعة كبار العلماء حين صدر الرأي الذي أشرنا إليه، وإنما أسند إليه منصب الإفتاء وعين عضواً بالجماعة بعد ذلك، فماذا قال؟ إني أثبت هنا نص فتواه التي هي فصل الخطاب في هذا الباب، لما فيها من فقه جيد، ولما أرشدت إليه من مبدأ عام في الحكم على الناس بالكفر أو الإيمان:
نص الفتوى
(. . . أما بعد فاعلم - هداني الله وإياك إلى الحق ورزقنا اتباعه وجنبنا الزلل في القول والعمل - أن علماءنا قالوا إن الكفر شيء عظيم فلا نجعل المؤمن كافراً متى وجدنا رواية أنه لا يكفر، فلا يكفر مسلم إلا إذا اتفق العلماء على أن ما أتى به يوجب الردة، كما أنه لا يكفر مسلم متى كان لكلامه أو فعله احتمال ولو بعيداً يوجب عدم تكفيره، فقد روى