للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من (الكتاب الذهبي) قبل أن يطبع]

لغة الأحكام والمرافعات

للأستاذ زكي عريبي

- ٢ -

خلق الألفاظ والتعبيرات العلمية

وثمة صعوبة أخرى يلقاها المترافع المصري: تلك هي صعوبة العثور على اللفظ اللازم أو التعبير اللازم في المحل اللازم.

قدمنا أن كثيراً من المشتغلين بالقانون في مصر - بل قل غالبيتهم المطلقة - درسوا القانون بلغة أجنبية استجمعت شروط الصلاحية للتعبير عن كل فكرة أنتجها الفقه الحديث. وجميع هؤلاء، محامين كانوا أو وكلاء نيابة أو قضاة، مطلوب منهم أن يصوغوا ما تعلموه بالفرنسية أو الإنكليزية كلاماً عربياً فصيحاً.

دعك من صعوبة التفكير بلغة والكتابة بأخرى، فقد يتغلب عليها من ملك زمام اللغتين كقاضي قضاتنا، يعرض للقاعدة المعروفة أن العقوبة شخصية لا يمكن أن تعدو الجاني إلى غيره فيؤديها بهذا الاقتباس البديع (القاعدة العامة ألا تزر وازرة وزر أخرى). دعك من هذا فقد يثبت المثل المتقدم أن الأمر مما لا يصعب تذليله، وتعال إلى ضرورة إيجاد الألفاظ والتراكيب اللازمة لتأدية معان مشهورة مستقرة في فرنسا وغيرها من بلاد الفقه الحديث.

هنا الصعوبة الكبرى يلقاها المشتغلون بالكتابة القانونية كل يوم. ولا سبيل لقهرها سوى التعريب والاشتقاق.

والأول سهل ميسور على شرط الرضاء بأن تكون لغتنا القضائية شبيهة بالمالطية. ومن ذا الذي يرضى لنفسه الآن أن يقول كما كانوا يقولون في أحكام عثرنا عليها في مجموعة (القضاء) سنة ١٨٨٧ (ابللو) و (محاكم الريفورمه)؟

لم يتعين إذن سوى طريق الاشتقاق وهو أصعب ما يكون. لا لأن الأمر يتطلب تعمقاً في اللغة وحسن ذوق في الاختيار فحسب، بل لأن اللفظ المشتق كثيراً ما يلتوي معناه على غير ناحيته. هو في حاجة بفرض التوفيق من هذه الناحية إلى مبايعة رجال القانون له

<<  <  ج:
ص:  >  >>