اشتهر قاسم أمين بدفاعه عن المرأة لأن ذلك كان أوضح ما كتب عنه، لكنه عندنا من أكبر المصلحين المصريين الذين ظهروا في أوائل هذا القرن. وليس دفاعه عن المرأة إلا شعبة من آرائه في الحرية والتربية واللغة وسائر وجهات الإصلاح.
ولو أنك تصفحت كلماته قبل أن تقرأ كتابيه في (تحرير المرأة) و (المرأة الجديدة) للمحت عقلية جديدة نفذت وراء الحجب التي تكاتفت على عقول المصريين خلال قرون طويلة، ورأيت كيف تستطيع النفس الحساسة أن تندسّ إلى ما وراء الحجب فتلقي الحقيقة سافرة غير مقنعة، ثم لشاقك من حياة هذا الرجل أنه كان شجاعاً، ولاتخذت من حياته مثلاً أعلى للتفاني دفاعاً عن الفكرة
ظهر في أعقاب القرن الماضي قليل من أمثال قاسم أمين، لكنهم لم يلقوا ما لقي هو من العنت والسخرية والاستهزاء. كان يعيش أكثر إضرابه في أجوائهم، لكن قاسماً كان يعيش في جو خاص به هو ونفسه. وذلك ما استعدى عليه المتعصبين من أصحاب الدين وأنصاف المتعلمين من أصحاب العلم؛ وقليل أولئك الذين قدروا تلك النفس الحساسة التي تؤمن بالحرية إيمانهم بنعيم الحياة. وكثير أحسوا بما كانت ترسف فيه المرأة المصرية من أغلال، لكن أحداً من هؤلاء لم يؤتَ من شجاعة النفس ما استطاع أن يصمد به للمهاترين والمغالين ممن أعمتهم التقاليد على أنه ليس يعنينا اليوم في حديثنا عنه وجوه الإصلاح التي فيه إليها وتحدث فيها وإنما يعنينا أن نرى قاسم أمين الرجل وأن نتعمق في درس تلك النفس الزكية التي أوتيت كثيراً أمن الغضب الكريم. وأشهد لقد هممت بالكتابة عن النقاش الذي دار بينه وبين الدوق داركور، لكنما رأيت أن الكلام في ذلك سوف يصبح ناقصاً لا غناء فيه ما لم أتحدث عن قاسم أمين (الرجل) لأن قاسم أمين (الرجل) هو الذي غضب للقومية المصرية، وهو الذي غضب. للإسلام والمسلمين؛ وهو بعد ذلك الذي دافع عن مصر والإسلام بحرارة المجاهد الرشيد
وأول ما يمتاز به قاسم أمين (الرجل) نفس محسّة تجيش بمختلف العواطف، فهو قد أوتي