قبل أن نلوم ضعف كوليرج الإنساني، دعنا نسأل أنفسنا عما ' ذا كان من الممكن لأي إنسان أن ينظم قصائد متعاقبة من طراز النوتي القديم، ولكن إن فرضنا الإعجاز - وهو ما كان موهوباً به - فإنه (أي الإعجاز) ليست له القدرة الكافية بإلزام الرجل على إنهاك نفسه. أو بكلمة أخرى دعنا نبحث ونتساءل عما إذا كان انقطاع الفيض القدسي مرده ضعفه أم سببه هو استنزاف تلك القوة الخفية؟ وهو ما نعتقده ونؤمن به. والجواب القاطع عن مثل هذا السؤال موجود في قصيدته (كرستابل) كما أن قصيدته (قوبلاي خان) تشد أزر مثل هذا الرأي وتعززه بدليل آخر بلا أدنى شك ولا أقل ريب. يحدثنا كوليرج نفسه بذلك فيذهب إلى القول بأنه شرع بنظم (كرستابل) في سنة ١٧٩٧، أي إما أن يقول ذلك قبل أو في غضون نظمه (للنوتي القديم). وقد امتازت هذه الفترة بخلوها من تعاطي الأفيون. ومع هذا فكل من يحاول أن يقلب الصفحات الأولى من (كرستابل) سيرى بعينه أنه من المستحيل إتمامها بأية حالة كانت. ولا شك أن كوليرج أعتقد جازماً بأن في قدرته إكمالها، ولكنه في نضاله لتحقيق ذلك كان يجالد أعداء أقوى من الأفيون وذلك لأنه كان يقارع المقادير التي تتحكم في مصائر الأشياء كيف تشاء، فتنتهي على الصورة التي تريدها وبالكيفية التي ترضاها.
أما نغمات (كرستابل) التي أجاد وضعها الشاعر، فهي تعاني في آذاننا نوعا من التداعي والارتباط بجلجلة (سكوت) كما هي الحال وبصورة أسوأ مع بايرون الذي استعارها بدوره من سكوت. ولا تزال هذه الفظاظة على شدتها في أيامها هذه، لدرجة أن إيقاعها الموسيقي أسف إسفافاً كبيراً. . . والخلاصة أن هناك كثيراً ممن يرى في (كرستابل) زيفاً لا معنى له متناثراً هنا وهناك، ومع ذلك فإن أصالتها وجمالها في بعض الأبيات مما يدهش ويبعث على الغبطة والسرور. أما (قوبلاي خان) - فحتى إذا فرضنا أن ذلك الشخص من