(بورلوك) لم يبترها - فكيف لنا أن نتصور بان في الإمكان إتمامها أو حتى الاستمرار بها قليلاً. ولكنها مع كل ذلك، أعظم قطعة ساحرة تخلب الألباب وتسلب الأذهان في الشعر الإنجليزي على الإطلاق. وبعد مضي ثلاثة أسابيع من تلك الليلة الزاهرة التي أتم فيها أغنيته الخالدة (أعني النوتي القديم) سار ورفاقه يوماً ما منشدا إياها وكان في معيته آنئذ ورد زورث وقال كوليرج عنه في سياق إحدى رسائله إلى أصدقاءه (أنه (أي ورد زورث) يتقدم تقدماً متواصلاً في مجال الشعر وأنه يشعر بأن البلاد تزداد حسناً وجمالاً في كل يوم) وقد أصبح لبهاء هذا الصيف (في كوانتوك) مكانه اللائق به في سجل تأريخنا الأدبي. لقد انتهى موسم حصاد كوليرج، وبدأ موسم وردزورث الذي بدا زاهراً باهراً فيه الآمال العراض والأماني العذاب. وبعد ذلك حدث أن أرتحل الأخ والأخت من (الفوكسدن) في منتصف الصيف، وفي أيلول لقيهم كوليرج في لندن فأبحروا جميعاً في سفرة رائعة إلى هامبورغ في ألمانيا. ومن الملاحظ في هذا الخصوص أن (الأغاني) التي نظمها وردزورث طبعت من قبل عدة أيام من إهداء كوليرج (للنوتي القديم) و (البلبل) و (حكاية المرضعة) و (الزنزانة). وقد أطلق كل من الصديقين قذيفته وذهبا فرحين كل إلى جهة معينة. أما قذيفة وردزورث فكانت بمثابة صاعقة بكل ما في هذه الكلمة من معنى، ولو أن بريطانيا قابلتها ببرودتها المعهودة ولكن السيدة كوليرج علقت على ذلك بقولها (لا يحب الأغاني أحد قط!). ولم تمض عدة أيام على وصول الأصدقاء إلى هامبورغ حتى انفرط عقدهم، فارتحل كوليرج إلى (راتززبورغ) وفي نيته تعلم اللغة الألمانية ومن هناك عاد إلى (نيذر ستاوي) في تموز عام ١٧٩٩. وفي نهاية السنة لقي عائلة ورد زورث وطاف معهم منطقة البحيرات وبعد ذلك استقر آل ورد زورث في (دوف كوتيج) في (كرايمر) وفي تموز من السنة التالية انتقل كوليرج إلى جوارهم في (كريتا هول، كينزوك) على مقربة اثني عشر ميلاً منهم. وكان وردزورث في إبان نشاطه ووفرة قوته في هذه الأثناء، ومع هذا فإن التعارف الجديد لم يكن لكوليرج ربيعاً جديداً. فساوذي لن تعاد مرة أخرى. وهنا لسوء الحظ أو لحسنه يمكن أن تنتهي القصة لسوء الحظ لأن فترة نظم الشعر انقضى أجلها وذهب ريحها، وفي ذلك يقول كوليرج بالذات (إنه نبذ الشعر ملتمساً النجاة في الميتافيزيقا) زد على ذلك أنه أسلم نفسه نهائياً إلى عبودية الأفيون؛ ولحسن الحظ أن نهاية هذه الفترة