كانت هذه الكلمة في أصلها ستخرج خالصة لكتاب (عبقرية الصديق) الذي أخرجه الكاتب الكبير عباس محمود العقاد، ولكن عرض ما غير وجهة القول، وجعلني أتناول بالحديث كتاباً آخر معه، ولعل الخيرة فيما وقع.
ذلك أن أحد الأدباء واجهني بسؤال قال فيه: ترى ماذا بقي من تاريخ أبي بكر بعدما أتى به هيكل باشا في كتابه، فيجري به قلم غيره؟ وأني أجيبه هنا فأقول: إن هيكل باشا قد عنى في كتابه بذكر الأخبار وإيراد الوقائع التي حدثت في عهد أبي بكر متبعاً في ذلك سَنن من قبله من المؤرخين الذين ينقل بعضهم عن بعض
وعلى أنه قد أطال في النقل حتى خرج عمله في سفر ضخم، فإنه - كما قال صديقنا الكاتب السيد محب الدين الخطيب - قد فاته الاطلاع على مراجع وثيقة واعتمد على مصادر واهية لا يصح التعويل عليها (المقتطف والفتح)
ومن أجل ذلك ترى كتابه قد حمل أخباراً ما كان لمؤرخ محقق أن يأخذ بها، مثل ما روي أن علياً حمل فاطمة على دابة وخرج بها يطوف على الناس يجر هذه الدابة وهي تناشد الرجال وتتوسل إليهم أن ينصفوا بعلها وهم يعتذرون آسفين. وقد عجب الكاتب الكبير إبراهيم عبد القادر المازني في البلاغ من إيراد هيكل باشا لهذه القصة وقال (إن المرء لا يحتاج إلى ذكاء أو علم ليدرك أنها مختلقة من أولها إلى آخرها)
ومن الأخبار التي نقلها هيكل باشا إلى كتابه وهي إلى الخرافات أدنى منها إلى الحقائق أن العنكبوت خيمت على الغار لتحجب النبي وصاحبه عن الناس. ومن العجيب أن ما أتى به في كتابه من مثل هذه الخرافة قد عابه على الدكتور طه حسين يوم أن نشر الجزء الأول من كتابه (على هامش السيرة) وكان مما قاله في ذلك: (إن هذه الأمور إنما وضعت لإفساد العقول والقلوب من سواد الشعب ولتشكيك المستنيرين ودفع الريبة إلى نفوسهم في شأن الإسلام ودينه)(السياسة الأسبوعية)
هذا هو كتاب هيكل باشا ونحن بما أظهرنا من نقد - لنا ولغيرنا - لا نغض منه، وإنما