[احساساتي]
للشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي
قال الأستاذ حفظه الله من كتاب خاص:
نزلت قبل أسبوعين تقريباً من السيارة عند باب السوق. أريد مقابلة أحد الكتبيين فسقطت مغمى عليّ، فحملوني في عربة إلى داري. وبعد انتباهي قلت لعل يومي قد أقترب، ونظمت قصيدة (حساساتي) ورجحت نشرها في رسالتك الغراء.
قد أنَى يا منيتي أن تعودي ... بي إلى حيث كنتُ قبل وجودي
حيث لا أقتني شعوراً يُريني ... كيف أدنو للفوز بالمقصود
حيث لا نبض في عروقي ولا ضر ... بُ لقلبي ولا حراك لعُودي
هوِّني يا نفس فعلّكِ تستطي ... عين عن هوة الردى أن تحيدي
ليت أن الحياة ترجع في يو ... م إلى جسم الميِّت الملحود
ليس من هنا الموت يا نفسُ بدُّ ... فهو للناس من تراث الجدود
يا أمانيّ فارقيني ويا نف ... سُ وداعاً ويا حُشاشةُ جودي
بعد أيام قد تقاربن مني ... أنا يا نفسي وداعاً لا محالة مودي
وسواء عليّ من بعد موتي ... أن تبيدي معي وألا تبيدي
وسواء أكنتُ أحيا سعيداً ... قبل موتي أم لم أكن بسعيدِ
وإذا كنتِ لا تبيدين، نفسي ... تبعاً لي فأستبشري بالخلود
وإذا الشيخ بات يشكو الوَنَى وال ... وهن فالموت عنه غيرُ بعيدِ
سيقولون شاعر غاب في اللح ... د وكم غاب مثله في اللحود
لا تخافي عليَّ فالموت سهل ... لا كما ينعتونه بشديدِ
لا تخافي، فالموت ليس على الأر ... ض ولا في سمائها بجديد
سبقتني إلى المقابر موتي ... أنا في الراحلين غيرُ وحيد
من قضى نحبه فنام بقبر ... لا يبالي طول الليالي السود
غير أني ما سئمت حياتي ... وهبوطي وهادَها وصعودي
فأرى راحة بقبري وان نا ... لت على وجه الأرض مني جهودي