تفضل إمام المسلمين الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الجامع الأزهر فقرأ كتاب (وحي الرسالة) ثم أرسل إلينا هذا الكتاب الكريم:
عزيزي الأستاذ أحمد حسن الزيات
إن كثير الثناء عليك ليقل بجانب ما تسديه للأدب والعربية والثقافة من جهد وفضل. فما أنا ببالغ حق الثناء عليك وإن أطلت وتأنقت، ولاحق تقديرك وإن أطنبت وجودت. وعجيب آلا يكون لوحي الرسالة، فما هو إلا جني أشجارها، وزهرات أغصانها، جمعت في باقة واحدة بعد أن كانت متناثرة، وقربت إلى اليد بعد أن كانت متباعدة. ولقد كنت في هذه الفصول مترجماً صادقاً منصفاً للتاريخ فيمن ترجمت لهم من الرجال؛ وكنت مصوراً ماهراً فيما صورت من عيون الجميع وآلام الحياة، وأبرزت خفايا النفوس ودبيب الهواجس حتى لتكاد تلمس وتحس؛ وقبل هذا كنت محيطاً أحاط دقيقة بما عرضت له من بحوث. كل أولئك بأسلوب رصين نقي الجوهر تتصل فيه بأسلافك الأولين من فحول العربية والأدب، ممن أثاروا فيك فجريت على سننهم دون أن تقصر، وسرت على نهجهم دون أن تحاكى
ولست أملك بعد إلا أن أدعو لك بحيات طويلة سعيدة يدوم لك فيها الإلهام، فتثابر على رسالتك حتى يقرأ لك الناس مجلدات عديدة من وحي الرسالة
والسلام عليك ورحمة الله
(٦ مارس سنة ١٩٤٠)
محمد مصطفى المراغي
غبرات لا غبارات
قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ في (كتاب الحيوان) يذكر ما يعرض للكتاب المنسوخ من آفات الناسخين:
(. . . ثم يصيرُ هذا الكتاب بعد ذلك لإنسان آخر، فيسير فيه الورّاقُ الثاني سيرةَ الورَّاق الأوّل؛ ولا تزال تتداوله الأيدي الجانية، والأعراض مفسدة، حتى يصير غَلَطاً صرفاً وكذِباً