يتتبع الرأي العالمي سياسة روزفلت الاقتصادية والنقدية بمنتهى الاهتمام. وما زالت مشكلة الدولار الأمريكي في مقدمة المسائل العالمية لما للدولار من عظيم الارتباط بسير النقد في كثير من الأمم ومن عظيم الأثر في سير التجارة الخارجية العالمية لأن أمريكا من اعظم الدول المصدرة في العالم. وفي مصر تعنينا مسألة الدولار بنوع خاص لما لها من أثر كبير في سير أسعار القطن. وقد قرأنا في هذا الموضوع مقالا للعلامة الاقتصادي الأمريكي الدكتور ايرفنج فيشر في مجلة الأمريكية فرأينا أن نلخصه لقراء الرسالة فيما يأتي:
قال الرئيس روزفلت في ٣ يوليو الماضي ما يأتي:(إن الولايات المتحدة الأمريكية تبحث عن الدولار الذي يكون له بعد جيل من عصرنا من قوة في الشراء وفي أداء الدين ما للدولار الذي نؤمل أن نحصل عليه في القريب العاجل)
ويتفق جميع علماء النقد الذين درسوا هذه المسألة مع العلامة مينارد كينس في إن الرئيس روزفلت (مصيب كل الإصابة) ومع ذلك فان أغلبية الشعب الأمريكي لم تقتنع فيما يظهر بهذه الحقيقة. بيد أنه من الخطر أن تترك المسائل الفنية لحكم الجمهور. ويعتمد الرئيس روزفلت في عمله على مؤازرة اثنين من أعظم خبراء النقد في العالم هما: الدكتور وارنز الأستاذ بجامعة كورنل، والدكتور هارفي روجرز الأستاذ بجامعة ييل
ونرى عند تحليل كلمات الرئيس روزفلت إن سياسته النقدية تقوم على غايتين: الأولى هي رفع مستوى الأثمان، والثانية هي الاستقرار أو تحديد مستوى الأثمان. وقد قال الرئيس روزفلت فيما يتعلق بالمسألة الأولى ما يأتي:
(إن الحكومة تنوي أن تعمل على رفع أثمان الحاجات إلى حد يمكن أولئك الذين اقترضوا مالا من أن يؤدوا ذلك المال بنفس نوع الدولار الذي اقترضوا به، ونحن لا نريد أن نمكنهم من الحصول على دولار يكون من الرخص بحيث يمكنهم من الأداء بأقل مما اقترضوا، ونريد بعبارة أخرى أن نصلح خطأ ارتكب لا أن نحدث خطأ جديدا في الناحية الأخرى)
وإذا كان التضخم النقدي أمرا لا يرغب فيه، فكذلك التمسك النقدي مما لا يستحب. ونستطيع أن نقول إن التدهور الاقتصادي الحاضر يرجع في معظمه إلى التمسك النقدي.