وهو (تمسك) في الدين، والدين والتمسك يتفاعلان معا. وقد كان عبء الدين الذي تواجهه الأمة فادحا، فادى ذلك إلى تدهور البيع، ونقض الودائع في البنوك بسبب تصفية القروض، وكان هذا الانكماش في تداول النقد، والهبوط في البيع، سببا في هبوط مستوى الأثمان ورفع قيمة الدولار من حيث القوة الشرائية بما يبلغ ٨١ في المائة، وهذا يعني إن كل دين كانتقيمته ألف دولار، اصبح يعادل ١٨١٠ دولارات، وكان هذا اصعب واشق في الأداء
وقد كان هذا المجهود الذي بذل في أداء الدين سببا في نقص ودائع البنوك، ومن ثم في زيادة الديون، وكلما حاول الشعب الأمريكي أن يتخلص من دينه كلما شعر أن عبء الدين يزداد، وذلك لأن الدين يجب أن يقاس بقيمة السلع الحقيقية. وهذا هو لغز الركود التجاري. فنحن قد أدينا في الظاهر ٢٠ في المائة من ديوننا، ولكننا في الحقيقة زدنا هذه الديون ٤٠ في المائة بما بذلناه في سبيلها مدى أربعة أعوام من السلع الحقيقية
وللمسألة وجوه كثيرة يثيرها خصوم الرئيس روزفلت. أولها إن هذا التضخم النقدي هو تضخم غير محدود. والواقع ليس كذلك بل ليس في أمريكا رجل مسئول يقوم بالتضخم غير المحدود، وكل ما هنالك هو انه يراد أن يسير التضخم إلى الحد الذي يتدارك فيه أثر (التمسك).
ثم يقال انه حتى لو أريد ضبط هذا التضخم، فأنه سيفلت من كل ضبط، ويضربون لذلك مثل ألمانيا التي انتهت سياسة التضخم فيها بكارثة نقدية، وان مثل هذا التضخم يحدث بنوع خاص بواسطة الأوراق النقدية الحكومية. ولكنا قد جزنا في أمريكا هذه التجربة مرتين: الأولى سنة ١٨٦٥، والثانية أثناء الحرب. وقد استطعنا في كلتيهما أن نوقف سيل التضخم، بل وان نصل إلى نوع من (التمسك)
ويقال أيضا إن كل رفع الأثمان بالطريقة النقدية هو عمل مصطنع، نظراً لأن الأثمان يحددها قبل كل شيء قانون العرض والطلب. وهذا غير صحيح. فان أسعار القطن مثلا لا تتأثر فقط بعرض القطن وطلبه، ذلك أن طلب النقود وعرضها أيضاً عامل مهم، فإذا قايضت قطنا بفضة، وارتفع سعر القطن المقوم بالفضة، فلا يمكن أن ننسب هذا الارتفاع في الثمن لأسباب تتعلق بالقطن وحده. ذلك أن القطن في هذه الحالة يرتفع بالنسبة للفضة، وتنخفض الفضة بالنسبة للقطن، والعرض والطلب كلاهما مهم. وكذا سعر كل سلعة يتأثر