[إدوارد الثامن]
للدكتور أحمد زكي أبو شادي
كأنكَ لم تبذل فؤادك داويا ... لشعبكَ حتى فاتكَ اليوم داميا
كأنكَ لم تدر البطولة يافعاً ... ولم تصحب الهيجا وتَسْلُ المغانيا
كأنك لم تُعطِ العظائم حقَّها ... ولم تعرفْ الأوطان حُبّكَ فاديا
كأنك ما طاردت عن شعبك الأذى ... وأنفقت في هذا الطراد اللّياليا
مَواهبُ يَجنى العُرْفُ شَرَّ جنايةٍ ... عليها، ويَنْسَى العُرْفُ غيرك جانيا
وما قيمةُ التاجِ الذي أنتَ تارك ... إذا بات هذا التاجُ خصما وعاديا؟
تفانيتَ في الإحسانِ للشعبِ دائما ... فلم يَزِن الإِحسانَ أو كان ناسيا
وأذعَنَ للتقليدِ في حين قد أبى ... نُزُولَكَ عن عرش زهابك ساميا
وهيهات أن يحظى بسحرك تاليا ... وهيهات أن يلقى شبيهك ثانيا
فكان مُهينا كبرياَءك، جارحا ... وفاَءك، مهما عُدَّ للعرش وافيا
ومِنْ قِدَمٍ كان التذبذبُ مِلّةً ... وسوف على الدهماءِ يلبثُ عاتيا
أَمثلكَ في إِشفاقِهِ وإِبائِهِ ... يُسَخَّرُ، مهما زُخْرفَ القيدُ حاليا
أَتحْرَمُ مَحْضَ العيشِ مثلَ بني الوَرى؟ ... إذنْ كلُّ عيش دونه ليس غاليا
تُضَحِّي؟ نعمْ ضحَّيتَ أضعافَ ما رَجَوْا ... ولكنّهم ما بادلوكَ الأمانيا
وما كنتَ للحبِّ المقدَّسِ خاضعا ... ولكن لمعنىً بَذّ عندي المعانيا
هو البرُّ بالنفسِ العظيمةِ عندما ... تَرَى الناسَ فَوْضى والأماني مآسِيا
ومِثلُكَ لن يرضى الحياةَ مَنِيَّةً ... ولكنّما يهوى الحياةَ معاليا:
معالي مِنْ نُبْل وسعى وخدمة ... وحرية، لا أن يرى العيش خاليا
وَهَبْتَ الكثيرَ الفخم للشعبِ خالصا ... ولكنَّه يأبى لكَ النّزْرَ صافيا
ومِنْ عَجَبِ يحنو عليكَ بلهفةٍ ... فلم ترض إلا أن تكون المواسيا
وكنت عظيم النُّبْلِ في كلِّ موقف ... كأنكَ يومَ الرَّوْعِ تشدو الأغانيا
فأفعمت قلبي من ثباتِكَ نشوة ... ومِنْهُ لباكي الشعب صُغْتَ التعازيا
إذا أَسَرَ التقليدُ أحلامَ أُمَّةٍ ... نظمتُ لها قبلَ العَزاءِ المراثيا!