للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[سحب في بلاد العرب]

الحرب بين نجد واليمن

للأستاذ محمد عبد الله عنان

كان الخلاف يشتد منذ حين بين زعيم الجزيرة العربية، جلالة ابن السعود ملك نجد والحجاز وسيادة الإمام يحيى حميد الدين ملك اليمن. وكانت آمال العرب والمسلمين قوية في أن تنتهي الزعيمان بالمفاوضة والحسنى إلى حسم الخلاف القائم بينهما، وأن يبذل كل ما في وسعه لاتقاء حرب أهلية تشقى الجزيرة بعواقبها. ولكن العرب والمسلمين فجعوا أخيرا في هذه الآمال، فوقع الخطب ونشبت الحرب في جزيرة للمرة الثانية خلال بضعة اشهر. وكانت قد نشبت في الخريف الماضي بين القوات اليمنية والنجدية لنفس الخلاف الذي يثيرها اليوم؛ ولكنها أخمدت بسرعة وتغلبت الروية والحكمة يومئذ؛ وكان لصوت العرب والمسلمين أثره في ذلك؛ فعاد الزعيمان إلى التفهم والمفاوضة، وعقد مؤتمر نجدي يمني ليبحث وجوه الخلاف، وليحاول الوصول بها إلى تسوية مرضية ولكنه لم يوفق في مهمته لتمسك كل من الفريقين بوجهة نظره فكان تفاقم الخلاف، وكانت الحرب.

وهذا الخلاف الذي يضرم الحرب في جنوب الجزيرة العربية قديم يرجع إلى أعوام بعيدة. ومنشؤه مسألة الحدود بين البلدين وتنازع السيادة بينهما على المناطق والأراضي الواقعة بين الحجاز واليمن، وهي تشمل ولاية عسير الواقعة في جنوب الحجاز وشمال اليمن، ومنطقة نجران الواقعة شرق عسير جنوب شرقي الحجاز وشمال شرقي اليمن. وقد كانت السيادة في عسير حتى سنة ١٩٢٢ مقسمة بين قبائل بني شهر القوية في قسمها الشرقي، وبين الأدارسة في قسمها الغربي وهو لمعروف بتهامة؛ ففي سنة ١٩٢٢ اجتاحت القوات السعودية منطقة عسير الشرقية، وحطمت قبائل بني شهر واستولت على أراضيها حتى بلاد اليمن وضمتها إلى نجد. ولما استولى ابن سعود على الحجاز سنة ١٩٢٥ رأى أن الاستيلاء على تهامة ضروري لتأمين حدود الحجاز الجنوبية، ورأى الأدارسة أن القوات النجدية تطوق بلادهم من الشرق والشمال فآثروا التفاهم مع ابن السعود والاستظلال بلوائه، وعقد زعيمهم السيد الحسن الأدريسي اتفاقا مع ملك نجد توضع عسير تهامة بمقتضاه تحت حماية نجد وإشرافها (سنة ١٩٢٦)؛ وأستمر الأدارسة في حكم البلاد تحت

<<  <  ج:
ص:  >  >>