إشراف مندوب من قبل ملك نجد؛ ولكن هذا الوضع الشاذ كان مثارا لمصاعب وخلافات لا نهاية لها؛ واضطر السيد الأدريسي في النهاية أن يتخلى عن مهمة الحكم والإدارة وأن يفوض الأمر إلى ملك نجد؛ وشعر ابن سعود انه لا ستطيع المحافظة على عسير إلا إذا ضمها إلى أملاكه، فأعلن في سنة ١٩٣٠؛ ونزع الأدارسة كل سلطان حقيقيي، وبذلك امتدت حدود المملكة السعودية إلى شمال اليمن، وزادت بذلك أسباب الاحتكاك بينهما. وكانت هذه الأسباب قائمة منذ استولى ابن سعود على أراضي بني شهر (عسير الشرقية)، وأشرفت بذلك على منطقة نجران التي يدعى إمام اليمن إنها من ملحقات مملكته وأن قبائلها تلتمس حمايته، ويدعي ابن سعود أن قسمها الشمالي داخل في أراضيه. ولكن استيلاء ابن سعود على أمارة الأدارسة كان أبعد في استياء الإمام وتوجسه من إشراف (الأخوان) على حدوده الشمالية. وكان للإمام من قبل نفوذ قوي على الأدارسة، وكانت عرى التفاهم والتحالف بينهما قوية متينة، وكان يرى دائما انه أولى وأحق بضم هذه المقاطعة إلى أملاكه من منافسة القوى الذي قصد إليها من قلب الجزيرة، واستطاع في أعوام قلائل أن يدفع حدود أملاكه حتى البحر الأحمر غربا واليمن جنوبا، ولكن الإمام لم يكن في ظروف تمكنه من الإقدام على هذه الخطوة لأنه في الوقت الذي استولى فيه ابن سعود على عسير كان مشغولا بخصومته مع الإنكليز على بعض المناطق اليمنية الجنوبية المجاورة لعدن، وقد احتلها الإنكليز بحجة إنها اختارت الحماية الإنكليزية، وأغارت أسرابهم الجوية على اليمن مرارا وألقت قنابله على صنعاء عاصمة اليمن، ولم يستطع الإمام يومئذ أن بفعل شيئا لمقاومة الغزو السعودي في عسير.
تلك هيأسباب الخلاف الجوهرية بين اليمن والمملكة السعودية. وقد استطاع ابن السعود والإمام أن يتغلبا مدى حين على بواعث الخصومة، وان يتذرعا بالروية والتفاهم، وان يحسما أسباب الخصومة في كثير من المواطن؛ بل لقد انتهى التفاهم بينهما إلى أن عقدا معاهدة صداقة وحسن جوار في سنة ١٩٣١ تعهد فيها كل منهما بمراعاة المودة والصداقة وتسليم المجرمين من رعايا الفريق الآخر، وتبادل حقوق التوطن والإقامة بالنسبة لرعايا الدولتين، ولكن هذه الجهود المحمودة في سبيل الوفاق والتفاهم لم تنجح على ما يظهر في حسم أسباب الخلاف الحقيقي؛ واستمرت بواعث الاحتكاك على مسائل الحدود تنفجر من