للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في ميدان الاجتهاد]

للأستاذ عبد المتعال الصعيدي

- ٢ -

كيف يعود الاجتهاد

ولا بد من عودة إلى ذكر نصوص أخرى فيما كان للسياسة من أثر في نصرة بعض هذه المذاهب على بعض، ولتلك المدارس وأوقافها من أثر في القضاء على الاجتهاد في نفوس العلماء؛ قال الشيخ أبو زرعة في شرح جمع الجوامع: قلت مرة لشيخنا البلقيني: ما يقصر بالشيخ تقي الدين بن السبكي عن رتبة الاجتهاد وقد استكمل الآلة؟ وكيف يقلد؟ ولم أذكره هو استحياء منه لما أريد أن أرتب على ذلك، فسكت عني، ثم قلت ما عندي أن الامتناع من ذلك إلا للوظائف التي قررت للفقهاء على المذاهب الأربعة، وأن من خرج عن ذلك واجتهد لم ينله شيء، وحرم ولاية القضاء، وامتنع الناس من استفتائه، ونسب إلى البدعة، فتبسم ووافقني على ذلك.

وقال الحافظ الذهبي في كتابه (بيان زغل العلم والطلب) عند الكلام على علم أصول الفقه: (أصول الفقه لا حاجة لك به يا مقلد، ويا من يزعم الاجتهاد قد انقطع وما بقي مجتهد، ولا فائدة في أصول الفقه إلا أن يصير محصله مجتهداً، فإذا عرفه ولم يفك تقليد إمامه لم يضع شيئاً، بل أتعب نفسه، وركب على نفسه الحجة في مسائل، وإن كان يقرؤه لتحصيل الوظائف وليقال، فهذا من الوبال، وهو ضرب من الخيال)

وجاء في نيل الابتهاج أن أهل الأندلس التزموا مذهب الاوزاعي حتى قدم عليهم الطبقة الأولى ممن لقي الإمام مالكاً، كزياد بن عبد الرحمن، والغازي بن قيس، وقرعوس ونحوهم، فنشروا مذهبه، وأخذ الأمير هشام الناس به، فالتزموه وحملوا عليه بالسيف إلا من لا يؤبه له

وجاء في نفح الطيب أن سبب حمل ملك الأندلس الناس على هذا المذهب في بعض الأقوال أن الإمام مالكاً سأل عن سيرته بعض الأندلسيين فذكروا له عنها ما أعجبه، فقال نسأل الله تعالى أن يزين حرمنا بملككم، أو كلاما هذا معناه، لأن سيرة بني العباس لم تكن

<<  <  ج:
ص:  >  >>