مرضية عنده، وقد لقي منهم ما لقي مما هو مشهور، فلما بلغ قوله ملك الأندلس مع ما علم من جلالة مالك ودينه، حمل الناس على مذهبه وترك مذهب الأوزاعي
والآن فللشرع في بيان الطريق إلى عود الاجتهاد، وإنه ليس هناك فرصة تنتهز لهذا أقرب من هذه الفرصة التي يتولى فيها أمر الأزهر شيخ من أنصار الاجتهاد، وهو الأستاذ الكبير محمد مصطفى المراغي، ولا ننكر أنه يحيط به هذه المرة عوامل من جهات كثيرة جعلته يصير إلى أمور لم يكن يصير إليها في المرة الأولى، وقد كان يأخذ بالإصلاح فيها غير متأثر بتلك العوامل، ومن هذه الأمور محاولة القضاء على العلوم الرياضية في الأقسام الثانوية بالمعاهد الدينية لتحشر حشرا في الأقسام الأولية، فلا يكون هناك فائدة من دراستها فيها، وكثير منها ليس في نفس طالب القسم الأول الاستعداد لدراسته. ويقال إن الغرض من هذا تفريغ طلاب الأقسام الثانوية لدراسة الكتب الأزهرية كما كانت تدرس قديماً في الأزهر، ولا شك أن ستتبع هذه الخطوة خطوة أخرى في القضاء على هذه العلوم في الأقسام الأولية لتفريغ طلابها أيضاً لدراسة الكتب الأزهرية على تلك الطريقة التي كانت تدرس بها، لأنه لا فرق عند علماء التربية بين هذين القسمين في حياة الطالب، وكلاهما في حياته طور ثقافة عامة لا طور تخصيص لناحية من النواحي العلمية، فما يجري عندنا على أحد القسمين لتلك العلة السابقة لا بد أن يجري على القسم الآخر من أجلها أيضاً، وهناك نعود كما كنا قبل أن نقطع في الإصلاح هذه الأشواط، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وإنه إذا كانت العلوم الرياضية قد زاحمت حقاً العلوم الأزهرية في الأقسام الثانوية، فطريق ذلك أن تختصر دراسة هذه العلوم فيها، لا أن يقضى عليها فيها لتحشر حشراً في الأقسام الأولية
ومن هذه الأمور ما نحن الآن بسبيله من أمر الاجتهاد والعمل على فتح بابه، إذ يخطو الأستاذ المراغي في ذلك خطوة لا يرضاها منه أنصار الاجتهاد، ويجعل دستور (لجنة الفتاوى) التي ألفها من علماء المذاهب الأربعة على هذا النحو (أن تجيب الطالب على المذهب أو المذاهب التي يريد الإجابة على مقتضاها، فإذا لم يعين المستفتي مذهباً أجابته بحكم الله المؤيد بالأدلة من غير تقييد بمذهب من المذاهب الشرعية) فلست أدري معنى لهذا التفريق بين المستفتين، وقصر الإجابة بحكم الله على من يريده منهم، وإنه ليجب أن