[خطوات في الحياة والموت]
عند رؤية جمجمة
للأستاذ عبد الرحمن شكري
رحيقك يا كأسَ النهى والمشاعر ... ومهبط سر الله بين السرائر
أكأس الحجا أين الرحيقُ تَرَشفتْ ... علالاته نَشْوَى النهى والبصائر
أجُرِّعَةُ ثغر من الموت ظامئ ... طوى ما طوى من فطنة وخواطر
حوتها عوادي الدهر إلا أقلها ... إذا خُطَّ لفظ في بطون الدفاتر
بدا الناس جيلاً بعد جيل كأنهم ... تَهَاوِيلُ سِحْرٍ أو سمادير ناظر
وما تُدْرِكُ الألباب منهم عديدهم ... إذا استجمعتهم بين ماضٍ وحاضر
كأنْ لم يَلُحْ منهم إذا الموت غالهم ... ومَيض الثنايا أو بكاء المحاجر
ولم يعرفوا الآلام تُحْسَبُ أنها ... ستَخْلدُ في جسم إلى الموت صائر
فأين مضت أحقاد قوم كأنها ... لهيب جَحِيمٍ خَاِلدٍ في السرائر
وأين ولوع بالجمال كأنه ... زعيم بتخليد الوجوه النواضر
وأين فِعَالٌ يحسب الناس أنها ... على جبهة الأيام من وشم قادر
وأين جيوشٌ دَكَّتِ الأرضَ خَيْلهَا ... مضت حيث لا تمضى خواطر شاعر
وأين الغزاة الفاتحون وقد بدوا ... كما تبعث الأشْبَاحَ نفثةُ ساحر
فهل أنتِ ممن قد جنته سيوفهم ... وداسته خيل تحتها بالحوافر
أم ازدان تاج قد لبست بحكمة ... بها اسْطَعْتِ تصريف الصروف الدوائر
وهل أنتِ مِمَّنْ دَبَّرَ الشرَّ لبُّهُ ... وأحكم زَهْوُ النفس جَرَّ الجرائر
أم الخير ما حنت إليه نوازع ... لديك وإن لم تحتقب خير غادر
لقد كنتِ وكر اللب لو أن عادياً ... من الموت لم يهبط عليك بكاسر
بِكِ ارتاع مسعود إذا ارتاح يائس ... بذكرى الردى يرجو عُلاَلَةَ صابر
قد اختلف الأقوام في العيش والردى ... فَمِنْ ظافر يهوى الحياة وخاسر
هنيئاً لكل ما يرى من عُلاَلَةِ ... بحسن حياةٍ أو بنجوى المقابر
وما عَلَّلَتْ نفسُ الفتى بِمنَيَّة ... ستطوى هموم العيش طي الدساكر