(قصة تاريخية واقعية لم يحن الوقت بعد لذكر أسمائها)
للآنسة الأديبة سانحة أمين زكي
حدث أنه كان في منطقة. . . رجل نبيل مهيب الجانب قد وهبه الله من الشجاعة والكفاية قدر ما وهبه من جمال الرجولة وقوة الشباب، ومن ذلك كان رجاله يحترمونه ويقدسونه حتى ليرفعونه إلى مصاف الآلهة، وقد هيأت له الأقدار زوجة هي صورة مصغرة له ولصفاته، قد حباها الله ثروة من الجمال والذكاء والشجاعة، فهي تجيد الرماية إلى أقصى حد، وتتصدر المجالس سامرة، وتنافس الرجال في أعمالهم، والشعراء في فنهم، والعلماء في علمهم؛ فكانت بذلك مثلاً أعلى لبنات قومها، وصورة بديعة ناطقة للمرأة الكردية
كان الرجل يحب زوجته، وكانت هي تبادله حباً بحب فعاشا مدة من الزمن يرفرف عليهما طائر السعادة بجناحيه، يخرجان معاً للصيد ويتسابقان في العدو، وأتباعهما يشيعونهما بنظرات ملؤها الحب والغبطة وهما في لهوهما لا يحملان هماً من هم الحياة!
وحدث أن قدم الملك. . . إلى هذه المنطقة تمهيداً للاستيلاء عليها وضمها إلى ممتلكاته. فلما تم له الأمر، أولم وليمة فاخرة، دعا إليها جميع نبلاء وحكام هذه المنطقة، وكان من بينهم هذا النبيل، فما كاد الملك يراه حتى أعجب بذكائه، فلما سأل عنه سمع ما زاده حباً له وتعلقاً به، فرغب في ضمه إلى بطانته ليأنس به، ويستمتع بعلمه وفضله ويتخذه سلاحاً من أسلحته؛ فلما عرف هذا النبيل رغبة الملك لقيها بالقبول لما رآه من عطفه على المغلوبين من إخوانه، وتواضعه لمن حوله؛ ورضى أن يكون مرافقاً له، وشد الرحال مع زوجته وخدمه ميممين شطر العاصمة، ولو درى المسكين ما يخبأه له القدر وراء هذه الرحلة من الشر لما رضى أن يرحل ولما خطا خطوة في هذا السبيل
وصل النبيل وحاشيته إلى قصبة الملك، فأفرد له الملك قصراً فخماً، في وسط حديقة غناء، سكن فيه هو وزوجته في أسعد حال وأهنأ بال، واستأنفا ما كانا عليه من قبل: من صيد وقنص ومرح، والجميع يتغنون بمحاسن هذه المرأة وجمالها الذي جلب عليها الوبال فيما بعد. ومازال جمال المرأة منذ كانت أس البلاء ومنبت الشر، ومازال سبباً إلى الكوارث الفاجعة، مادام هناك رجال تسول هم نفوسهم أن نظروا إلى ما لا تملك أيديهم. وكان واحد