عليك رحمة الله (يا غازي) الحبيب، يا فخر الشباب، يا من لم يمتع بالشباب! يا سيد العرب، يا من روع فقده العرب. يا بدر العراق الآفل، يا أمل الشام الذاهب يا دنيا من الفتوة والبطولة والنبل طواها كف الموت (يا غازي) عليك رحمة الله!
بالأمس استصرختك وأنت أملنا وملاذنا، وأنت عوننا على الدهر الظالم، والعدو الغاشم، أفأقوم اليوم لأرثيك يا أملنا ويا ملاذنا؟ أأقف على قبرك الطريّ مودعاً وباكياً، وقد كنت أقف على بابك العالي مستغيثاً ومستصرخاً؟ أأخاطبك اليوم من وراء القبر وقد كنت بالأمس ملء الكون حياة وقوة وشباباً؟ ليتني ما عشت حتى أرى هذا اليوم! ليت يدي ما طاوعتني حتى أكتب هذا المقال! ليتني ما بقيت حتى أرثيك يا غازي! (يا غازي) جل المصاب وما لنا فيه يدان! (يا غازي) عظم الخطب وضاقت الحيلة! (يا غازي) لو كان يفتدى ميت لفداك العرب بأنفسهم! (يا غازي) قد فقدناك فعليك رحمة الله!
على شبابك الكامل، على بطولتك النادرة، على أيامك الحلوة، على ذكرياتك الخالدة، على روحك الطاهرة (يا غازي) رحمة الله!
أفي عشرة أيام يدور الفلك، وتتبدل الدنيا، ويستحيل عيد مولد الملك الشاب الحبيب، إلى مأتم الملك الشاب الحبيب؟
أفي عشرة أيام تمر دنيا كاملة، تبدأ بأعظم عيد عرفه هذا الشعب هو عيد ميلاد (غازي) وتختم بأجل مصاب رآه. وهو المصاب (بغازي)؟
من كان يظن وهو يشهد أفراح هذا الشعب في (٢١ آذار) يوم الربيع الطلق، ويوم (غازي) الذي كان أمرع من الربيع وأبهى، أن الفجيعة الكبرى كامنة في الغد القريب، وان هذا الشعب سيلطم وجهه ويمزق ثوبه حزناً على (غازي)؟ أأحسست بالغد القريب فذهبت تستعجل القدر لتهيأ لأمتك كل شيء قبل أن تمضي، فعرضت جيشك يوم الثلاثاء لتؤكد لها القوة والأيد، وفتحت السدة يوم الأربعاء لتضمن لها الحضارة والخصب، وعطفت على آلام سورية لتنشئ لها الوحدة والعزة، وأجريت الخيل يوم الجمعة لتعلم وليدك الصغير كيف يكون فارساً قبل أوانه، كأنك شعرت أنا سنفجع فيك قبل الأوان؟