[بعد عام]
علي محمود طه
لقد مضى الزمان بنا يخب، حتى صرنا على بعد عام من (علي محمود
طه). . ولكنا ما زلنا نرى الزورق سابحا. مبسوط الشراع، يجري
على كف الموج، في أنهار الخلود؛ لا يطويه أفق، ولا يحجبه بعد.
- ١ -
كان (علي طه) فردا آتاه الله الرهافة في الحس، والحدة في الشعور، والرقة في الذوق؛ فانطلق جوابا في الآفاق يستعرض آيات الله في جمال الطبيعة ومفاتنها.
معهدي هذا المروج وأست ... اذي ربيع الطبيعة الفينانة
وقف أمام (كومو) واهتز لها فقال.
ها هنا يشعر الجم - اد ويوحي لمن شعر.
ولولا وفاه طبعت به الفطرة، وحب لبني النيل الأعزة؛ لركن (الملاح) الرحال إلى أحضان هذا الشاطئ، يحرسه بعينيه، ويطربه بموسيقاه.
آه لولا أحبة ... نزلوا شاطئ النهر
ورفات مطهر ... وكريم من السير
لتمنيت شرفة ... لي في هذا الحجر
أقطع العمر عندها ... غير وان عن النظر
فلقد فاز من رأى ... ولقد عاش من ظفر
ولقد عاش حياته شاعرا غير الشعراء. فلم يتواضع لجني من عبقر يستجديه القصيد، وإنما راح يستهبط الوحي من ملائكة السماء ليندفع بعد ذلك شاديا. ينظم الحس أغاني، ويرسل بالجمال أهازيج، وإنه بذلك لخلاب باهر ينغم الأعماق بالإعجاب، ويشتمل العواطف بالطرب.
وسماء للشاعر الفذ منها ... يستقي الشعر وحيه وبيانه
وأنا الشاعر الذي افتن بالحس ... ن وأذكت يد الحياة افتنانه